ارتفعت معدلات التضخم بشكل ملحوظ على مستوى العالم خلال عام 2021، ولكن استمرار توقعات التضخم المرتفع في العام المقبل يضع حياة الأفراد اليومية والشركات محل ضغوط مستمرة. وعلى الرغم من أن أسباب تفاقم التضخم واضحة، فإن آفاق الظاهرة ومدى استمرارها في اقتصادات الدول محل خلاف وعدم يقين، وهو ما يضع مسار الاقتصاد العالمي خلال العام الجديد 2022 محل تساؤلات، بحسب ما يراه صندوق النقد الدولي.
أحدثت الجائحة تحركات سعرية كبيرة في بعض القطاعات، ومن أبرزها الغذاء والنقل والملابس والاتصالات. ومن المثير للدهشة أن تشتت الأسعار أو مدى تباينها عبر القطاعات لا يزال محدودا نسبيا حتى الآن بمعايير التاريخ الحديث، وخاصة إذا ما قورنت بالأزمة المالية العالمية. والسبب في ذلك هو التقلبات الأصغر والأقصر نسبيا في أسعار الوقود والغذاء والمساكن بعد الجائحة، وهي التي تمثل، في المتوسط، أكبر 3 مكونات في سلال الاستهلاك.
وحسب أحدث توقعات صادرة عن صندوق النقد الدولي، فإن التضخم السنوي في الاقتصادات المتقدمة سيصل إلى الذروة عند متوسط 3.6% في عام 2021، قبل أن يرتد إلى معدل 2% في النصف الأول من عام 2022، بما يتوافق مع أهداف البنوك المركزية. وستشهد الأسواق الصاعدة ارتفاعات أسرع حتى تصل إلى متوسط 6.8% ثم يتراجع هذا المتوسط إلى 4%. وأشار التقرير إلى أن أسعار الغذاء حول العالم قفزت بما يقارب 40% أثناء الجائحة، وهو تحد قاس للبلدان منخفضة الدخل حيث تمثل هذه المشتريات نسبة كبيرة من إنفاقها الاستهلاكي.
غير أن التوقعات تأتي مصحوبة بقدر كبير من عدم اليقين، وقد يظل التضخم مرتفعا لفترة أطول. والعوامل المساهمة في ذلك قد تشمل الارتفاع الكبير في تكاليف المساكن ونقص الإمدادات لفترة مطولة في الاقتصادات المتقدمة والنامية، أو ضغوط أسعار الغذاء وانخفاض أسعار العملات في الأسواق الصاعدة.
ويرى صندوق النقد أن التوقعات تأتي مصحوبة بقدر كبير من عدم اليقين، وقد يظل التضخم مرتفعا لفترة أطول. والعوامل المساهمة في ذلك قد تشمل الارتفاع الكبير في تكاليف المساكن ونقص الإمدادات لفترة مطولة في الاقتصادات المتقدمة والنامية، أو ضغوط أسعار الغذاء وانخفاض أسعار العملات في الأسواق الصاعدة.
التضخم قد يكون من أكثر الكلمات شيوعًا في علم الاقتصاد. ولقد أدى التضخم إلى إغراق البلدان في فترات طويلة من عدم الاستقرار. وغالبًا ما يطمح محافظو البنوك المركزية إلى أن يُعرفوا باسم “صقور التضخم”.
لقد فاز السياسيون بالانتخابات بوعود مكافحة التضخم، لكنهم فقدوا قوتهم بعد فشلهم في ذلك، وتم إعلان التضخم العدو العام الأول في الولايات المتحدة من قبل الرئيس جيرالد فورد في عام 1974.
والتضخم هو معدل الزيادة في الأسعار خلال فترة زمنية معينة، عادة ما يكون التضخم مقياسًا واسعًا، مثل الزيادة الإجمالية في الأسعار أو الزيادة في تكلفة المعيشة في بلد ما. ولكن يمكن أيضًا حسابها بشكل أضيق، بالنسبة لسلع معينة، مثل الطعام، أو للخدمات، مثل قصة الشعر، على سبيل المثال.
أيا كان السياق، يمثل التضخم مدى ارتفاع تكلفة مجموعة السلع أو الخدمات ذات الصلة خلال فترة معينة. وأدى ارتفاع معدل التضخم عالميا في عام 2021 إلى انخفاض القوة الشرائية للنقود، وسط استمرار أزمات سلاسل التوريد وارتفاع أسعار الشحن البحري وانخفاض المعروض، وهو ما يدفع بارتفاعات كبيرة في أسعار السلع والخدمات.
إلى ذلك، قال رئيس مجلس إدارة شركة غولدن غرين فراس بدرا، إن التضخم يأتي ضمن 4 عوامل مؤثرة على ارتفاع أسعار السلع الغذائية حول العالم خلال عام 2022، مؤكدا أن صعود التضخم يزيد الضغوط على أسعار الغذاء التي قفزت لأعلى مستوياتها منذ يوليو 2011.
وأوضح بدرا في مقابلة سابقة مع “العربية”، أن تضخم أسعار بعض السلع مثل الحبوب يتسبب في زيادة أسعار سلع أخرى مثل اللحوم والدواجن والألبان والأجبان. وتوقع بدرا أن يشهد الاقتصاد العالمي انفراجة في ما يخص أسعار الغذاء في يوليو 2022، مع بدء موسم الحصاد، ولكن هذا سيكون مرهونا بحجم الإنتاج الذي يواجه تحديات التغير المناخي.
تتمثل أكبر المخاطر التي تواجه الأسواق في عام 2022 في التضخم وفيروس كورونا والتوترات الجيوسياسية، وفقًا لما يقرب من 700 مشارك في استطلاع حديث للأسواق العالمية أجرته وكالة بلومبرغ. وذكر أكثر من 30% أن التضخم من بين أكبر مخاوفهم، بينما 25% قلقون بشأن فيروس كورونا وسط مخاوف من إعادة فرض قيود أو أن تقوم البنوك المركزية بتعديل سياستها استجابة لذلك.
وأشار حوالي 23% من المشاركين في الاستطلاع إلى أن التوترات الجيوسياسية تشكل أكبر المخاطر، واستخدم 16% بشكل خاص مصطلحات الحرب أو الصراع. وكانت الأمثلة الرئيسية المعطاة هي التوترات المتزايدة بين الصين وتايوان وروسيا وأوكرانيا.