عندما أقرت الحكومة اللبنانية في شباط الماضي بعض الزيادات على رواتب ومعاشات موظفي القطاع العام، خارج اطار أصل الراتب، تم تكليف مجلس الخدمة المدنية إعداد تصور إصلاحي خلال ثلاثة أشهر حول ما يجب أن يتقاضاه العاملون في القطاع العام أو وضع تصور لإعادة النظر بسلسلة الرتب و الرواتب كي تدخل هذه الزيادات في صلب الراتب.
كان من المفترض ان يُنجز هذا التصور في شهر حزيران الماضي على ان تقدمه رئيسة مجلس الخدمة المدنية نسرين مشموشي إلى الحكومة التي بدورها تعمل لإقرار السلسلة التي هي بحاجة الى قانون في مجلس النواب.
لكن مر حزيران ولم نعد نسمع شيئاً عن هذا الموضوع إلا ما تردد عن عزم الحكومة ل على إعطاء موظفي القطاع العام راتبين إضافيين في شهر تشرين اول المقبل على ان يتبعه راتبان آخران في اوائل العام المقبل.
مشموشي التي كانت قد وعدت بإنجاز الدراسة في المهلة المحددة تغيب عن السمع، وحاولت الديار التواصل معها أكثر من مرة دون نتيجة ربما لانه لا يوجد جواب عن موضوع السلسلة بعد وربما لأنها تفضل العمل بصمت، سيما أن مشموشي كانت قد اشترطت أن يترافق وضع سلسلة جديدة للرتب والرواتب مع وضع تصنيف وتوصيف وظائفي جديد وهذا لم يحصل وربما يكون هناك صعوبة في تطبيقه اقله في المدى القريب.
فهل أصبحت سلسلة الرتب والرواتب في مهب الريح وستبقى الحكومة تعمل على إعطاء الموظفين إبر مورفين بانتظار المعالجة النهائية، مع الإشارة الى أن السراي شهدت خلال الفترة الماضية العديد من الاجتماعات بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيسة مجلس الخدمة المدنية نسرين مشمومشي وبعض المديرين العامين، الذين بدورهم كانوا قد عقدوا اجتماعاً في شهر أيار الماضي مع مشموشي تم خلاله دراسة الأوضاع الإدارية وتحليلها وعرض المشاكل الأساسية التي تعاني منها الإدارة العامة.
وخلال الاجتماع شكلت مشموشي لجنة من عدد من المديرين العامين من أجل اقتراح حلول للمشاكل التي تعانيها الإدارة وخطوات إصلاحية ورفع تقرير إلى رئيسة المجلس، على ان يتولى المدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور أنطوان شقير التنسيق بين أعضاء اللجنة .
ووفق المعلومات فإن مشموشي قد حملت الى اجتماعات السرايا اقتراحاً يقضي برفع الرواتب 46 ضعفاً، إنما على مراحل تمتد على خمس سنوات على ان تعود قيمة الرواتب بعد انقضاء هذه المدة الى ما كانت عليه قبل الـ 2019. وفي الوقت نفسه، تقترح مشموشي وقبل السير بهذا الاقتراح، اعادة النظر بالقطاع العام.
في السياق كشف رئيس الاتحاد العمالي العام الدكتور بشارة الأسمر في حديث للديار أن هناك اتجاها لإعطاء موظفي القطاع العام في أوائل شهر تشرين اول المقبل راتبين إضافيين، على أن يتبعها بعد شهرين أو ثلاثة أشهر راتب او اثنين بحيث يحصل الموظفون في أوائل العام ٢٠٢٥ على ١٢ أو ١٣ راتبا من أساس الراتب الذي كانوا يتقاضونه في العام ٢٠١٩ .
و إذ اعتبر الأسمر ان الحصول على زيادة في الرواتب في هذه المرحلة ليس امراً سيئاً، رأى أن هذه الزيادات لا تفي بالغرض، لافتاً إلى أن رئيسة مجلس الخدمة المدنية نسرين مشموشي أعدت خطة في هذا الإطار لزيادات سنوية قد تصل إلى ما فوق الأربعين ضعفاً بعد أربع سنوات .
ووفقاً للأسمر هذا الأمر مرتبط بوجود مداخيل للدولة ” التي لمسنا من خلال حوارنا مع وزارة المالية أنها بتحسن مستمر “، متوقعاً أن تتحسن مالية الدولة أكثر وأكثر في حال حصلت حلول على صعيد هيئة إدارة السير واستانفت عملها كما كانت في السابق، وعلى صعيد أمانات السجل العقاري وعادت تستوفي الرسوم على المعاملات المنجزة .ويأسف الأسمر لأن هذه الزيادات التي تعطى لموظفي القطاع العام تحت مسمى مساعدات او مضاعفة الراتب لا تدخل في صلب الراتب “وبالتالي ليس لها أي انعكاس على تعويضات نهاية الخدمة للذين يتقاعدون من وظائفهم، وبالتالي من يخرج من القطاع العام يخرج فقيراً “.
من هنا شدد الأسمر على ضرورة أن يصار إلى دراسة سلسلة رتب ورواتب جديدة يتم خلالها رفع قيمة الرواتب الفعلية المرتبطة بتعويضات نهاية الخدمة، كما يجب إعطاء هذه الزيادات المطروحة للمتقاعدين الذين يئنون من الأوضاع الاقتصادية الصعبة خصوصاً متقاعدي القطاع العام والأجهزة العسكرية .
كما شدد الأسمر على ضرورة أن يدخل جزء مهم من هذه المساعدات على مختلف مسمياتها من حوافز وغيرها أن تدخل في صلب الراتب حتى تنعكس إيجاباً على المعاش التقاعدي، لافتاً إلى أننا بحاجة أيضاً الى دراسة نظام التعويض ونظام التقاعد المعتمد في القطاع العام من أجل إصلاحه كي يعيد نوعاً من الكرامة إلى موظف القطاع العام الذي فقد كل شيء من جراء الأزمة الاقتصادية الخطرة التي نعيشها.