عملت حكومة نواف سلام منذ تشكيلها على وضع خارطة طريق لعملها تحت عناوين أساسية تتمحور حول الإصلاحات ومحاربة الفساد، ومن أهم الملفات التي تعمل عليها هذه الحكومة وضع أسس تشكيل الهيئات الناظمة للقطاعات الأساسية والحيوية، والإعلان عن ضرورة تفعيلها، تمشيًا مع الشروط الدولية للإصلاح وتعزيز الدور الرقابي، وهذا ما أكّد عليه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في خطاب القسم، كما ورد في البيان الوزاري للحكومة .
وسبق لوزارة الاتصالات أن أعلنت عن فتح باب الترشّح لمناصب رئيس وأربعة أعضاء في الهيئة الناظمة لقطاع الاتصالات، وذلك بعد إطلاق المنصّة الرسمية Government Recruitment التي استحدثتها وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية، لاستقبال الطلبات.
وبعد مخاض طال ل ١٣ عاماً تمكنت حكومة سلام في أشهر قليلة من تشكيل الهيئة المنظمة للاتصالات برئاسة جيني الجميّل والأعضاء: ديانا بو غانم، رجاء الشريف، محمد أيوب، وهيثم سرحان.
لا شك أن أمام هذه الهيئة عمل شاق و مضني لكن المهمة ليست مستحيلة، و في حال توافر الإرادة و الظروف السياسية فمن المؤكد أنها ستنجح في عملها و في تأمين انتظام العمل بعيداً عن الفساد و السرقات، بعدما عانى قطاع الإتصالات كغيره من القطاعات من غياب المحاسبة و الرقابة و تدخل السياسة في العمل الإداري مما أدى إلى تردي الخدمات و ازدياد العجز في الميزانيات.
وكانت الهيئة المنظمة للاتصالات” قد تأسست كمؤسسة عامة مستقلة، بموجب القانون 431/2002، وأُنيط بها تحرير وتنظيم وتطوير قطاع الاتصالات في لبنان، و باشرت الهيئة القيام بعملياتها إثر تعيين مجلس إدارتها في شهر شباط 2007 قبل أن تدخل في فراغ منذ أكثر من عقد.
وتمثل أهمية الهيئة الناظمة للاتصالات في تحقيق بيئة تنظيمية تعزز المنافسة، وتضمن الشفافية، وتوفر خدمات اتصالات ذات جودة بأسعار معقولة للمواطنين. فالهيئة مسؤولة عن وضع الأنظمة والتراخيص، وإدارة نطاق الترددات، وضمان عدم وجود ممارسات احتكارية، ما يساهم في تطوير قطاع الاتصالات وتحسين خدماته للمستهلكين.
في السياق تحدثت مصادر في الهيئة المنظمة للاتصالات للديار عن أهمية الهيئة ودورها وانعكاسها على قطاع الاتصالات وعلى الاقتصاد بشكل عام و التحديات و العراقيل التي قد تواجهها و أهم أولوياتها .
واكدت المصادر على أن وجود الهيئة المنظمة للاتصالات ضروري لإصلاح القطاع وتنظيمه وإنمائه، وهي الجهة المخوّلة قانوناً بتحرير وتنظيم وتطوير قطاع الاتصالات في لبنان، لافتة إلى أن دور الهيئة محوري في:
تعزيز المنافسة العادلة ومنع الممارسات الاحتكارية
حماية حقوق المستهلك وضمان جودة الخدمات
تشجيع الابتكار والاستثمار من خلال تنظيم فعّال وشفاف
ضمان استقرار السوق وتطوير البنية التحتية الرقمية
كما تشكّل الهيئة ركيزة أساسية لتهيئة لبنان للتحوّل الرقمي والاندماج في الاقتصاد الرقمي العالمي، مما ينعكس إيجاباً على النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل.
ورداً على سؤال حول التخوف من عرقلة عملها و أبرز التحديات التي تواجه الهيئة قالت المصادر:
ندرك حجم التحدّيات الكبيرة التي تواجه قطاع الاتصالات في لبنان، لكننا لا نخشى العرقلة، وقبولنا تولّي هذه المسؤولية يعكس التزامنا الراسخ بالعمل على إعادة لبنان إلى موقعه الريادي في مجال الاتصالات إقليمياً ودولياً.
وأبرز التحديات هي:
-تحديث البنية التحتية القديمة وتوسيع شبكات الجيل الخامس
-استعادة ثقة المستثمرين والمستهلكين
-وضع أطر تنظيمية عصرية تواكب التطورات التكنولوجية
-تأمين الموارد البشرية والمالية اللازمة.
وأبدت المصادر عن إستعداد الهيئة لبذل كل الجهود لإحداث تغيير ملموس ووضع القطاع على مسار النهوض المستدام، بالتعاون مع جميع المعنيين.
وحول أولويات الهيئة و المطلوب لدعمها؟ ودور وزير الاتصالات، أكدت المصادر على أن الهيئة تلتزم بالعمل باستقلالية تامة ووفق أعلى معايير الشفافية والمهنية وصوناً للقانون.
وعددت المصادر أولويات الهيئة الاستراتيجية وهي:
١. حماية المستهلك:
ضمان جودة الخدمات بأسعار عادلة
وضع آليات فعّالة للشكاوى والمتابعة
٢. تعزيز المنافسة:
منع الممارسات الاحتكارية
تشجيع دخول مشغّلين جدد إلى السوق
٣. تشجيع الابتكار والاستثمار:
تبسيط الإجراءات التنظيمية
توفير بيئة محفّزة للشركات التقنية
٤. العدالة الرقمية:
ضمان وصول الخدمات الرقمية إلى جميع المناطق دون استثناء
تقليص الفجوة الرقمية بين المناطق، “ولتحقيق هذه الأهداف، اعتمدنا خطة عمل واضحة بأهداف قابلة للقياس ومُهل زمنية محدّدة”.
الدعم المطلوب
وأشارت المصادر “نحظى بالدعم الكامل من معالي وزير الاتصالات الأستاذ شارل الحاج، ونعوّل على تعاون جميع المعنيين في القطاع – من مشغّلين وشركات ومستهلكين – لأن مصلحة الجميع تكمن في تمكين الهيئة من ممارسة صلاحياتها كاملةً وتحقيق دورها التنظيمي والتطويري بما يخدم الوطن والمواطن”.
ورداً على سؤال حول المخالفات التي حصلت في غياب الهيئة وماذا لو كانت موجودة سابقاً، قالت المصادر: نؤمن بأن النظر إلى الأمام أكثر أهمية من استرجاع الماضي. عملنا الفعلي يبدأ اليوم بكامل الصلاحيات، وتركيزنا ينصبّ على:
-إعادة تنظيم القطاع بما يضمن حقوق المستهلكين
-تعزيز الابتكار وجذب الاستثمارات النوعية
-تطوير البنية التحتية الرقمية لمواكبة التحوّل الرقمي العالمي
-وضع معايير واضحة لجودة الخدمات والأسعار، وما يهمّنا هو بناء قطاع اتصالات حديث وتنافسي يخدم مصلحة لبنان ومواطنيه، ويضع البلد على خارطة الاقتصاد الرقمي الإقليمي والعالمي.



