دعا نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي المصارف للبدء بتحمل المسؤوليّة من رساميلها “لأننا لن نأخذ من الفقراء لنعطي الأغنياء”حسب قوله. فكيف سترد المصارف،هل سترضخ لخطة التعافي التي نالت دعم صندوق النقد والمجتمع الدولي، أم ستلجأ الى المحاكم لمقاضاة الدولة اللبنانية؟.
مصادر مصرفيّة مطّلعة أكدت عبر “النشرة” أن المصارف بدأت فعليًّا بتحمّل الخسائر منذ فترة غير قصيرة وإنّ مقاضاة الدولة غير مطروحة راهنا، لافتة الى اعتراض البنوك على بعض البنود في الخطّة وطرحها او تأييدها لحلّالاستثمار في ثروة لبنان المرتقبة من الغاز والنفط، لأنّه المنطق الأفضل للجميع والضمانة الأهم لإعادة الودائع لأصحابها.
واوضحت المصادرأن المصرف المركزي كان فرضعلى البنوك مؤونةبنسبة 45%، وفي هذا المجال فان من يحمل منهاالـ”يوروبوند” كوّنت هذه النسبة، لا بل اعلى منها بكثير وصل الى حدّ70 و80 % لدى بعضها،خصوصا ان سعرها في السوق انخفض اكثر من 9%.
اما فيما خص الودائع وشهادات الإيداع بالعملات الاجنبية التي وضعتها المصارف في مصرف لبنان،طلب الاخير ان تكوّن البنوك مؤونة بنسبة 1.89% وهي نسبة قليلة جدّا برأي الكثير منها، وبالتالي فان معظمها كوّنتها والبعض الآخر وصل الى 4 و5 و6% واكثر من ذلك.وبالنسبة للقسم الاخير من الخسائر التي تتحمّلها المصارف المتعلقة بتدهورسعر الليرة اللبنانيّة،لا سيّما أن أكثر من ثلثي الاموال الخاصة للمصارف بالعملة اللبنانية المقيّمة على سعر 1507.5 ليرات للدولار الواحد (اي ان الاموال الخاصة في البنوك هي 15.5 مليار دولار تحتسب على 1507.5) هناك تقريبا الثلث بالعملة الخضراءولا مشكلة فيها، لكن الباقي بالليرة،وعلى هذا المعدّل اذا تحولت جميعها على أي سعر كان، سيتمّ تحديدهعلى قاعدة ما بعد اعادة هيكلة المصارف والبرنامج الّذي سيقرّ مع صندوق النقد الدولي، اي بعد توحيد سعر الصرف ممّا سيؤدي الى تخفيض قيمة الاموال بالمصارف ويكبّدها خسائر كبيرة جدا على الارجح لتصبح الـ15 مليار دولار بين 3 او 4 مليار مما يحتم فقدانها لـ11 مليار دولارتقريبًا، وهذا قد لا تتحمّله المصارف بسبب قيمة المبلغ الضخم.
ورأت المصادر ان البنوك تتحمل الخسائر من اليوم الاول وهي رحّبت بالتوقيع المبدئي مع صندوق النقد،لكن لديها بعض الاعتراضات او التعديلات المطلوبة،واعتبرت أن البرنامج مهم جداوهو احد خشبات الخلاص، لأنه سيعيد هيكلة القطاع العام وتوحيد سعر الصرف، وينص على “الكابيتال كونترول” وموازنة سنوية. وكرّرت المصادر المصرفيّة أن المشكلة الكبيرةتكمن في الورقة الحاليّة المقترحة من قبل الحكومة اللبنانيّة التي عرضتها على مجلس الوزراء بآخر جلسة قبل ان تصبح بحكم تصريف الاعمال،والتي تتحدّث عن شطب 70 مليار دولار من الودائع وشهادات الايداع بالدولار للمصارف لدى مصرف لبنان الّذي لن يردها للبنوك، وبالتالي يتبخّرحوالي 4 مليار دولار ليتوجب عليها عندئذٍ بيع كل ما تملك في الخارج.
في هذا السياق هناك تخوّف لدى القطاع المصرفي بعدم قدرته على تحمّل خسائر كبيرة جدا.وبحسب المصادر فالورقة المطروحةتعطي المودع100 الف دولار فقط اذا كان لديه كوديعة تفوق أكثر من ذلك تسدّد بالتقسيط المريح لمدة 7 او 10 سنوات بالدولار الاميركي،في حين أن الودائع التي تتخطّىالرقم المذكور تحوّل الى الليرة اللبنانية، من دون معرفة السعر الّذي يجب اتّباعه.وتردف المصادر أن تبعات هذا الأمرسيسبب انهيارًا أكبر بسعر الصرف بسبب كميات الليرات التي ستطرح في السوق.اضافة الى ذلك أن ورقةالخطّة المطروحة تتحدّث عن الودائع التي تفوق المليون دولار عبر تحويلها الى اسهم في مصارف مفلسة او شبه مفلسة،”وبهذه الطريقة نكون قد افلسنا الجميع مع القطاع المصرفي.
وتخلص المصادر المصرفيّة ذاتها الى ان الطرح الافضل والأنسب والأنجع هو الاستثمار في الغاز والنفط، إذ أنّ التقديرات الدنيا من قبل شركات عالميّة عدّة تتحدّث ان الاحتياطات توازي بأسعار اليوم 450 مليار دولار في السنوات العشرة الاولى،وبالتالي اذا اقتطعنا منها 20% فقط (مع العلم ان هذه المداخيل ليست ضمن موازنة الدولة بل ستكون فائضا)توازي90 مليار دولار تقريبًا.وهذا المبلغ يغطي الـ70 مليار الدولار الخاصة بمصرف لبنان مع فائدة صغيرة، والفكرة هي بخلق شركة لاقتطاع 20% من المداخيل المحتملة، على أن تسدّدها كأوراق وليس سندات مكفولة منها،كأسهم او شهادات للمصرف المركزي الذي بدوره يسدد ودائع البنوك وعجزهم.علما ان قيمة هذه الشهاداتسترتفع ويمكن ادراجها في البورصات العالمية،وهذا الحلّ الأنسب للجميع حسب المصادر المصرفيّة.