استرعت الانتباه أمس البيانات المالية المسربة التي أشارت إلى أنّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لجأ الى تدابير محاسبية غير تقليدية مستنزفاً ما لا يقل عن 6 مليارات دولار في وقت يعاني فيه النظام المالي في البلاد من خطر الانهيار. وتعزز بيانات العام 2018 المدققة، والتي اطلعت عليها صحيفة “فاينانشال تايمز” مخاوف عدة ناجمة عن اعتماد سلامة سياسة تضخيم أصول البنك المركزي وموازنته عبر طباعة العملة.
فالحسابات التي تم التوقيع عليها من قبل المدققين EY و Deloitte من دون ان يتم الإعلان عنها، تسجل صرف حوالى 6 مليارات دولار لـ”المحافظة على الاستقرار المالي” وفقاً لرؤية حاكم المركزي، لكنّ اثنين من خبراء البنوك المركزية المستقلين قالا إنهما لم يسمعا قط بمثل هذا الإجراء المحاسبي وأثارا مخاوف حول اساءة تقدير الأرباح المحققة عندما يطبع البنك المركزي العملة وذلك لناحية اخفاء الخسائر. واضافا إن طباعة العملة مجرد طريقة لاخفاء ارقام المركزي بشكل مصطنع بالاضافة الى إخفاء اصوله ورأس ماله السلبي، خصوصاً وأن “العديد من الأصول ليست الا اختراعات” كما قالا.
على مدى سنوات، نُسب لسلامة الفضل في استقرار الوضع المالي للبلاد تحديداً خلال الصراعات العنيفة التي دمرت لبنان والمنطقة المحيطة بالإضافة الى فشل الحكومات المتعاقبة في تطبيق الإصلاحات، غير أن سلامة نفسه بات يواجه راهناً لوماً عنيفاً بسبب أسوأ أزمة اقتصادية في لبنان منذ انتهاء حربه الأهلية قبل 30 عاماً، بحيث يؤدي انهيار العملة إلى القضاء على المدخرات وزيادة الأسعار، كل ذلك مع ارتفاع معدلات البطالة وانخفاض مستويات المعيشة.
في نيسان من العام الجاري، دافع مصرف لبنان عن استخدامه للأرباح المستقبلية كأصول، قائلاً إنه “لا يعتبر هذه المبالغ خسائر” علماً ان “استخدام الأرباح المستقبلية المتوقعة لتحقيق التوازن في الحسابات سياسة مضللة” بحسب الخبراء الاقتصاديين.
وبحسب الـ”فاينانشال تايمز” ففي حسابات المركزي عنصر آخر مثير للجدل هو المتعلق في الميزانية العمومية لمصرف لبنان، والذي أثار مخاوف بشأن الشفافية. وتكشف بيانات العام 2018 أن علاقات مصرف لبنان مع البنوك التجارية تجاوزت الهندسات المالية، حيث شملت صفقات عقارية بملايين الدولارات وعقود دين مدعومة بأصول.