نص اتفاق الطائف سنة 1989 على إلغاء ذكر المذهب في بطاقة الهوية. لكن هذه الاشارة ظلت في سجلات النفوس حيث تظهر عندما يطلب أي مواطن الحصول على بيان قيد إفرادي أو عائلي. السؤال البديهي الذي يطرح نفسه هو معرفة السند القانوني لهذه الممارسة التي باتت من المسلمات اليوم.
لا بد لنا قبل معالجة الأمر في التشريعات اللبنانية من العودة للقرن التاسع عشر حيث شهدت السلطنة العثمانية خلال عصر التنظيمات حركة مهمة من الإصلاح والتحديث وفقا للنمط الأوروبي. ومن مظاهر التحديث كان صدور قانون حول “التابعية العثمانية” في 19 كانون الثاني 1869 وقد نص في مادته الأولى على الآتي: “إن الأشخاص المولودين من والدين أو من أب فقط في حالة تابعية الدولة العلية، يعدون من تبعة الدولة العلية”. عملا بهذا القانون كان لا بد من تنظيم الجنسية العثمانية عبر اصدار تشريع خاص حول “تذكرة النفوس” التي ينبغي أن يحملها كل مواطن عثماني. وبالفعل صدر قانون 10 حزيران 1902 وهو من التشريعات الكبرى التي تنظم كل ما يتعلق بسجلات النفوس. وقد نصت المادة الثانية أن هذه السجلات يجب ان تشير علاوة إلى الإسم والجنس وتاريخ ومحل الولادة واسم الاب والأم ومكان السكن إلى “الملة” أي هل الفرد هو مسلم أو مسيحي أو يهودي كما نصت صراحة الفقرة الثالثة من هذه المادة. وأضافت المادة الثالثة من هذا القانون أن كل عثماني سيتم منحه تذكرة نفوس تحمل جميع المعلومات التي أوجبتها المادة الثانية. وهكذا تم تكريس ذكر الدين على أوراق الهوية التي انتشرت بين أيادي سكان ولاية بيروت ومتصرفية جبل لبنان.