تنتهي اليوم المهلة المعطاة لمصرف لبنان للإجابة عن أسئلة شركة «ألفاريز اند مارسال»، تمهيداً لإجرائها التدقيق الجنائي في حسابات المصرف، تنفيذاً للعقد الموقع بينها وبين وزارة المالية. كل الترجيحات تشير إلى أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لن يسلّم أغلب المعلومات المطلوبة، بحجة السرية المصرفية والمهنية التي يفرضها قانون النقد والتسليف، متجاهلاً الاستشارة التي أعدّتها هيئة الاستشارات والتشريع في وزارة العدل، والتي أكّدت أن مصرف لبنان ملزم بتنفيذ قرار مجلس الوزراء الذي أقرّ التدقيق الجنائي.
عدم التزام سلامة بتسليم المعلومات المطلوبة لشركة التدقيق، هو بمثابة إعلان واضح وصريح عن كونه يقود دولة ضمن الدولة؛ دولة يبطش فيها حاكم المصرف المركزي كما يريد وبصلاحيات مطلقة، فيمعن، بدعم من حماته وشركائه في الوقت نفسه، بإفلاس الدولة على حساب إثراء أصحاب المصارف (من محتكرين وسياسيين)، مستخدما أموال المودعين والأموال العامة في هذه العمليات الاحتيالية. هي دولة سلامة نفسها التي تقود بلداً كاملاً بمؤسساته وقطاعاته الى الانهيار الشامل، ثم تتذرع بحصانتها واستقلاليتها لتبرير عدم تعاونها مع شركة التدقيق.
عندما تتسلّم شركة «ألفاريز أند مارسال» الأجوبة غير المكتملة للمصرف المركزي اليوم، لن يكون أمامها سوى إبلاغ وزارة المالية بأنها غير قادرة على تنفيذ العقد. وذلك لن يكون مقبولاً بالنسبة إلى رئيس الجمهورية، العماد ميشال عون، الذي يصرّ على التدقيق الجنائي ويعتبره جوهر الصراع الذي سيسقط منظومة بأكملها. هذا الأمر كان مدار بحث بينه وبين وزيرة العدل ماري كلود نجم التي زارته أمس. نجم التي أكدت، من قصر بعبدا، ضرورة تنفيذ العقد مع شركة «Alvarez & Marsal» وتزويد المصرف المركزي الشركة بالمعلومات والمستندات المطلوبة، تدرك أن سلامة لن يسلّم المعلومات المطلوبة، بالرغم من كل الكتب التي وصلته من وزارتي المالية والعدل. ولذلك، تسأل وزيرة العدل: «ما هي الرسالة التي نوجهها للشعب اللبناني؟ هل يعقل أن نعلن أن الدولة لا يمكن أن تدقق في حساباتها وحسابات المؤسسات التي تتبع لها؟ هل نقول إن ثمة مؤسسات فوق القانون والمراقبة؟».
ورداً على التذرّع بالسرية المصرفية، تؤكد نجم لـ»الأخبار» أن «حسابات الدولة لا تسري عليها السرّية ونقطة على السطر». العدلية لا تملك الأجوبة عن كيفية إلزام مصرف لبنان بتنفيذ قرار الحكومة، لكن مصادر معنيّة لا تلغي احتمال أن ترفع الدولة، من خلال هيئة القضايا في وزارة العدل، دعوى على سلامة تلزمه فيها بتنفيذ قرار الحكومة. ذلك احتمال قائم، لكن المصادر تدرك أن المسار الطويل لقضية كهذه يزيد من احتمال تدخل الحماية السياسية لعرقلة أي مجهود يصبّ في خانة كشف مغارة المصرف المركزي. لا نقاش بالنسبة إلى نجم في حق الناس بمعرفة مصير التدقيق الجنائي، لأنه ببساطة «من دونه لا حقائق ولا استرداد للأموال المنهوبة، بما يعني أن الشعب وحده سيدفع الثمن». مع ذلك، تثق وزيرة العدل بأنه لا بد من التحقيق الجنائي في النهاية، فهو أصبح بنداً أول في الورقة الإصلاحية، كما في المطالب الدولية، ومن دونه قد لا نتمكن من الحصول على قرش واحد. كيف يمكن الوصول إلى تنفيذ التدقيق إذاً؟ تجزم وزيرة العدل بأنه تجري دراسة كل الأمور المتاحة.