ينتظر “ضحايا” قرار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بفتح سقف الاستفادة من منصة صيرفة، الإفراج عن أموالهم العالقة في المصارف، بعد خفض سقف الاستفادة إلى 100 مليون ليرة، وتوقُّف العمل بالمنصّة ليُصار إلى ابتكار شروط أخرى للاستفادة منها. على أن القرارات المتغيِّرة تُرَتِّب على الضحايا خسائر إضافية بعد إعادة الأموال.
الخوف من “التذاكي”
حقَّقَ البعض استفادة من إعلان الحاكم، في نهاية شهر كانون الأول 2022، ووصلت المبالغ المستفاد منها إلى مليارات الليرات، حُوِّلَت إلى دولارات، فيما احتُجِزت مئات ملايين الليرات في المصارف. وتفاوتت التعاملات مع أصحاب الحقوق بين إعادة المبالغ مباشرة، أو إعادة جزء منها والتعهّد بردِّها تباعاً، وهو ما يُنتَظَر حصوله “خلال الأسبوع المقبل، بدءاً من يوم الاثنين 23 كانون الثاني”، وفق ما تؤكّده مصادر مصرفية في حديث لـ”المدن”. على أن تُدفَع المبالغ بالليرة “كاملةً.. وتُراعى خلال الدفع حجم الكتلة النقدية التي سيؤمّنها مصرف لبنان لكل مصرف. فباختلاف النِسَب، تختلف عملية إعادة الأموال”.
ستتفاوت في هذه الحالة قدرة المصارف على رد الأموال. وستكون أكثر المصارف راحة “هي التي لم تقبل مبالغ كبيرة منذ البداية. فبعض المصارف التزمت بمبلغ 100 مليون ليرة ولم تستلم أي مبلغ إضافي. وهذا ما سيساعدها على ردّ أكبر قدر من الأموال”.
ومن المفترض أن لا تأخذ المصارف عمولات عند ردّ المبالغ “لأن العمولات تؤخذ على المبلغ المحوَّل بالدولار فقط. أما الليرة، فلا عمولة عليها”. ومع ذلك، تتخوَّف المصادر من “تذاكي بعض المصارف واحتسابها للعمولات”.
ارتفاع الدولار مستمر
فشلت منصة صيرفة في كبح تسارع سعر صرف الدولار. وفي الوقت عينه، يستمر ضخ الليرة في السوق، مما يفقدها قيمتها ويزيد حجم التضخُّم. ولن تحتمي الأموال المنتظر الإفراج عنها بالليرة، من آثار ارتفاع سعر الدولار من نحو 43 ألف ليرة إلى نحو 51 ألف ليرة. فيستنكر عدد من أصحاب الأموال “اللعبة التي مارسها مصرف لبنان على الصغار لإفادة الكبار ومنع الدولار من تسجيل الـ50 ألف ليرة عند نهاية العام الماضي”. يقول أحد أصحاب الأموال العالقة في المصارف.
سارَعَ الكثير من الأفراد للاستفادة من منصة صيرفة بعد القرار الشهير. لكن بفعل عشوائية اتخاذ القرارات، سيُلزَم المتضرّرون بخسارة كبيرة، هي الفارق بين بيع الدولار بنحو 43 ألف ليرة لشراء الدولار عبر المنصة بسعر 38 ألف دولار، والاضطرار إلى إعادة شرائه بما لا يقل عن 51 ألف ليرة. وبذلك، تكون المبالغ المفرّج عنها، قد فقدت جزءاً من قيمتها.
وهذا السلوك “يزيد من عدم ثقة الناس بالمصارف وبمصرف لبنان. فبعد التجارب غير المشجّعة، سيحذَر الجميع من القرارات المستقبلية للحاكم. وأي تعديل في شروط الاستفادة من المنصة، ستخضع للمراقبة الشعبية قبل الانخراط فيها”.
النظرة الدولية
ابتكار الحلول الداخلية بمعزل عن نظرة المجتمع الدولي ومطالبه، ليست حلولاً مستدامة. ومنصة صيرفة تندرج تحت هذا الإطار. فهي “ليست أكثر من مورفين لمريض السرطان”، تؤكّد المصادر المصرفية، وتجزم أنه “كان من المفترض في بداية الأزمة عدم تصفية نحو 24 مليار دولار في لعبة الدعم. ومن الأجدى عدم التأخّر عن دفع سندات اليوروبوند لأنها إعلان لإفلاس لبنان. ولو لم يحصل ذلك، لكنّا استأصلنا السرطان”.
ومع ذلك، فإن كنّا نبحث عن حلّ “فالمدخل هو التعاون مع المجتمع الدولي. وزيارة محققين دوليين إلى لبنان، هو أحد أبواب التعاون الذي يفترض أن يقترن بإصلاحات داخلية، لأن الجزء الأساسي من أزمتنا هو إشكالية داخلية”.
من المفترض بقاء منصة صيرفة على قيد الحياة بحلّة منقَّحة. وكما جرت العادة، ستختلف المصارف في التعامل مع مندرجاتها، ما سيزيد قلق المواطنين ويعمِّق حالة الفوضى المستمرة. وهذا بدوره يعزّز موقع الدولار مقابل الليرة، فيدفعه نحو الارتفاع. وكل قرار من المصرف المركزي، لا يضرب تصاعد الدولار بشكل واضح، فسيغذّي ارتفاعه، وهو ما حصل مؤخّراً، وأظهَرَ بأن منصة صيرفة باتت منصّة للمضاربة وليس لخفض سعر الدولار.