الضوء الأخضر الأميركي فتح الباب أمام وصول الغاز المصري إلى لبنان بأقصى سرعة. كل العقبات التي كانت تحول دون ذلك لسنوات طويلة، أزيلت دفعة واحدة، برغبة مصرية وأردنية بمساعدة لبنان، وبدفع من «الخطر الاستراتيجي» الذي يشكله فتح خط إمداد طاقوي من إيران إلى لبنان على المصالح الأميركية. ولذلك، فتحت طريق الشام، بمباركة أميركا وحلفائها في بيروت، أمام أول وفد رسمي لبناني، وبعدها عُبّدت الطريق أمام اجتماع تقني في عمّان، ضم وزراء الطاقة في الأردن وسوريا ولبنان ومصر. الاجتماع دخل في التفاصيل التقنية والفنية، وضرب مواعيد لكل مرحلة وتحميل كل دولة مسؤولية إنجاز الشق المتعلق بها، بما يجعل البدء بضخ الغاز إلى معمل دير عمار ممكناً خلال شهرين، على ما يؤكد وزير الطاقة ريمون عجر.
لم يتناول الاجتماع مسألة نقل الكهرباء من الأردن إلى لبنان، أولاً لأن الوزراء الذين شاركوا في الاجتماع ليسوا كلهم هم وزراء كهرباء، وثانياً لأن عوائق عديدة تمنع الاستفادة من هذه الفرصة، التي يمكن أن تؤمن نحو 270 ميغاواط، قريباً. فقد أعلن وزير الطاقة السوري وجود عدد كبير من الأبراج المتضررة في الجنوب السوري، والتي لا يمكن البدء بتأهيلها قبل إجراء المصالحات. علماً بأنه حتى بعد إنجاز هذه الخطوة، فإن نزع الألغام من تلك المناطق قد يحتاج إلى ستة أشهر. وعليه، فإن التركيز في الاجتماع الذي جمع غجر ووزيرة الطاقة الأردنية هالة زواتي ووزير النفط السوري بسام طعمة ووزير البترول المصري طارق الملا، وضمّ عدد كبيراً من الخبراء، كان على بحث استجرار الغاز، حيث تبيّن، خلافاً لما يتردّد، أن الأنابيب في سوريا سليمة، وهي تستعمل حالياً، علماً بأن شركة أمن خاصة تعمل على حماية الخط والمحافظة عليه.
مع ذلك، فقد تقرر، في نهاية الاجتماع، مراجعة الاتفاقيّات الموقّعة بين دول خط الغاز، وعلى وجه الخصوص اتفاقيات شراء الغاز الطبيعي واتفاقيات العبور. كما طلب من كل دولة، باستثناء مصر التي أكدت جاهزية بنيتها التحتية لنقل الغاز فوراً، أن تتأكد من البنية التحتية للغاز لديها، خلال مهلة محددة:
ــــ سيقوم الأردن، خلال أسبوعين، بإعداد تقرير عن المتطلبات الفنية للخط لديه، علماً بأن الوفد الأردني أوضح أن الخط جاهز لنقل الغاز، إلا أن مشكلة واحدة تواجهه هي عدم وجود محطة قياس الكميات على الحدود الأردنية السورية، والتي فككت بُعيد بدء الحرب السورية وإذ تمّت الإشارة إلى أن إعادة تركيب المعدات قد تحتاج إلى ستة أشهر، اقتُرح أن يصار إلى تركيب محطة قياس متحركة، تسمح بالإسراع في بدء إجراءات نقل الغاز.
ــ سيعمد كل من الأردن وسوريا إلى الكشف على الوصلة الواقعة بين محطتَي القياس المتقابلتين على الحدود الأردنية السورية، والتي يبلغ طولها 600 متر.
ــــ في سوريا، ستتأكد المؤسسة العامة للنفط والشركة السورية للغاز من المتطلبات التشغيلية للخط، على أن يُقدّم تقرير بالعوائق، إن وجدت، خلال أسبوعين.
ــــ على لبنان، بدوره، التأكد من جاهزية البنية التحتية وتقديم تقرير بالعوائق إن وجدت خلال أسبوعين (لم يتم الكشف على الأنبوب منذ سنوات). لكن تبيّن أن لبنان لا يملك القدرة التقنية ولا الخبرة لفحص الخط، ولذلك يتوقّع أن يجري التعاقد مع شركة مصرية للقيام بهذا العمل، علماً بأن الجانب المصري عرض إمكانية تنفيذ أعمال الفحص عن طريق الشركة الفنية TGS مشغلة خط الغاز العربي في الأردن، وبالتعاون مع الشركة المصرية القابضة للغاز الطبيعي.
في ذلك الحين، لم يوقّع لبنان اتفاقية واحدة مع مصر، بل كانت ثلاث اتفاقيات، الأولى تتعلق بشراء الغاز، والثانية باستجراره والثالثة بتشغيل منشأة الغاز في الشمال. ولذلك، فإنه يفترض أن يتم تيويم هذه الاتفاقيات والاتفاق على السعر وطريقة الدفع خلال ستة إلى ثمانية أيام، بالتعاون مع البنك الدولي الذي سيتكفل بتمويل هذه الاتفاقية، علماً بأنه لم تتضح آلية التمويل بعد.