أنهى بنك يو.بي.أس أمس الاثنين الاستحواذ الطارئ على منافسه المتعثر كريدي سويس، ليتحول إلى بنك سويسري عملاق بميزانية تبلغ 1.6 تريليون دولار وقدرة أكبر على إدارة الثروات.
وتشكل هذه الخطوة التي دامت أسابيع منطلقا لعملية دمج ضخمة للغاية يراقبها زبائن وموظفون وقادة سياسيون في سويسرا عن كثب. وقال الرئيس التنفيذي لبنك يو.بي.أس سيرجيو إرموتي ورئيس مجلس الإدارة كولم كيليهر في رسالة مفتوحة نشرتها صحف سويسرية “هذه بداية فصل جديد”.
وأضافا أن أكبر صفقة في القطاع المصرفي منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008 ستنتج “تحديات”، ولكن أيضا “العديد من الفرص” لعملائها وموظفيها ومساهميها ولسويسرا. وأكدا في الرسالة أنه “ليس لديهما أدنى شك في إدارة عملية الاستحواذ بنجاح”.
وستدير المجموعة أصولا بقيمة خمسة تريليونات دولار، مما يمنح يو.بي.أس، أكبر بنك لإدارة الثروات في العالم، مكانة رائدة في أسواق رئيسية كان من الممكن أن يستغرق الأمر منه سنوات للنمو والوصول إليها.
كما أنهى الاندماج تاريخا عمره 167 عاما لبنك كريدي سويس والذي شهد في السنوات الماضية فضائح وخسائر. وقال المحلل المالي لدى فونتوبيل أندرياس فينديتي لفرانس برس إنه “اعتبارا من الاثنين، يمكن ليو.بي.أس أن يكون استباقيا”.
واستكمل البنك صفقة الاستحواذ في أقل من ثلاثة أشهر، وهو جدول زمني ضيق نظرا لحجم الاستحواذ وتعقيداته، وذلك لتوفير قدر أكبر من الطمأنينة لعملاء وموظفي كريدي سويس وتجنب سحب الأموال.
ويبلغ عدد موظفي البنكين معا 120 ألفا في أنحاء العالم، ومع ذلك قال يو.بي.أس بالفعل إنه سيخفض الوظائف للاستفادة من الاندماج وخفض التكاليف.
ويحضر يو.بي.أس للعملية منذ منتصف مارس الماضي ولديه تصور بالفعل بشأن ما سيبقي عليه وما سيبيعه أو يغلقه لكن “ما يمكنه القيام به” كان محدودا قبل إتمام عملية الدمج، بحسب فينديتي.
ووافق هذا البنك على شراء كريدي سويس بسعر تقريبي قدره 3 مليارات فرنك (3.3 مليار دولار) في صورة أسهم.
وإلى جانب ذلك قبل البنك تحمل ما يصل إلى 5 مليارات فرنك (5.54 مليار دولار) في صورة خسائر مفترضة في عملية إنقاذ رتبتها السلطات لمنع انهيار ثقة العملاء جراء تداعي ثاني أكبر بنوك البلاد.
وأبرم يو.بي.أس الجمعة الماضية اتفاقا مع الحكومة السويسرية حول شروط دعم عام بقيمة تسعة مليارات فرنك (10 مليارات دولار) للتعامل مع خسائر ناجمة عن إنهاء بعض من أنشطة كريدي سويس.
وستكون عملية دمج أكبر مصرفين في سويسرا معقّدة تقنيا وسياسيا، وستفضي إلى مصرف عملاق لا يشبه أيّ بنك عرفته سويسرا. ويثير حجم المصرف المتمخض عن الخطوة قلق القادة السياسيين.
ويتوقع بأن تتم خسارة الآلاف من الوظائف بسبب ازدواجها، لكن بحسب رئيس البنك المركزي السويسري توماس جوردان، لم يكن هناك أيّ حل بديل.
وقال جوردان الأحد في مقابلة أجرتها معه مجلة “سونداغ تزيتوغ” الأسبوعية “بالطبع إنه أمر مؤسف إذ لم يبق غير (مصرف كبير) واحد. لكنني متأكد من أنه في حال عدم نجاح عملية الاستحواذ من قبل يو.بي.أس، لشهدنا أزمة مالية دولية”.
وقدم كل من يو.بي.أس والحكومة تأكيدات على أن عملية الاستحواذ ستعود بالنفع على المساهمين ولن تصبح عبئا على دافعي الضرائب. ويقولان إن الإنقاذ كان ضروريا أيضا لحماية مكانة سويسرا كمركز مالي والتي كانت ستضرر إذا تسبب انهيار بنك كريدي سويس في أزمة مصرفية أوسع.
ومن المقرر أن يسجل يو.بي.أس أرباحا ضخمة في الربع الثاني من العام المالي الحالي الذي ينتهي في أغسطس المقبل بعد شراء كريدي سويس مقابل جزء بسيط مما يطلق عليها قيمته العادلة.
ومع ذلك، حذر إرموتي من أن الأشهر المقبلة ستكون “صعبة” مع استمرار بنك يو.بي.أس في استيعاب بنك كريدي سويس، وهي عملية قال البنك إنها “ستستغرق من ثلاث إلى خمس سنوات”.
وقالت المحللة لدى سويسكوت بنك إبيك أوزكاردسكايا إن “المحافظة على المواهب” ستشكّل أحد أكبر التحديات في ظل مغادرة عدد متزايد من الموظفين إثر المخاوف المرتبطة بإلغاء الوظائف.
وأفادت فرانس برس أنه من المنظور السياسي، يتعيّن على هيئة فينما المنظّمة للقطاع المالي أن “تتأكّد من حماية المنافسة، وهو أمر قد يوجب انفصال وحدات معينة في نهاية المطاف”. وأفرجت الحكومة والبنك المركزي عن سيولة قدرها 259 مليار فرنك سويسري لتسهيل عملية الاستحواذ.