ثلاث مسائل أساسية، كانت محور لقاءات وزير الطاقة وليد فياض في زيارته لسوريا؛ المياه المشتركة بين البلدين، مسألة استجرار لبنان الغاز من مصر، والكهرباء من الأردن عبر الأراضي السورية، ملف النازحين السوريين في لبنان وطرق تنظيم عودتهم إلى سوريا. فقد ترأّس فياض وفداً متخصّصاً بشؤون المياه بحث مع اللجنة السورية اللبنانية للمياه المشتركة أمر السدود على نهري العاصي والكبير الجنوبي، والتقى رئيس الحكومة السورية حسين عرنوس، وزير الكهرباء غسان الزامل، وزير النفط فراس قدور، وزير الموارد المائية حسين مخلوف.يقول فياض لـ«الأخبار»، إن المبادرة الأميركية المموّلة من البنك الدولي لاستجرار الكهرباء من الأردن، والغاز من مصر عبر سوريا إلى لبنان، لم تنته بعد، إذ إن محاولة المبعوث الأميركي عاموس هوكشتين بشأن ربط وقف إطلاق النار على الحدود الجنوبية، بسلّة مساعدات اقتصادية من ضمنها مشاريع الكهرباء والطاقة وإعادة الإعمار جنوباً، يعني أن احتمال استجرار الغاز والكهرباء من مصر والأردن، هو مشروع قابل للحياة. وهذا ما دفع النقاش في سوريا إلى التأكّد من الجهوزية التقنية للربط، علماً أنه سبق أن نُفذت عملية «ترميم وإصلاح عدد من الخطوط الكهربائية وأنابيب الغاز على الجانب السوري بكلفة 8 ملايين دولار»، ومن الجانب اللبناني «أعيد تأهيل خط الغاز بكلفة مليون دولار». رغم ذلك، ينقل فياض تشاؤم عرنوس حيال الموافقة الأميركية «لكننا لن نعطي الأميركيين الذريعة لإفشال المشروع، وسنقوم بواجباتنا التقنية على أكمل وجه».
وبحسب فياض، فإن رئيس الحكومة السورية أبدى استياء بشأن تعامل لبنان مع ملف النازحين، وأبلغه أن «الحكومة اللبنانية لا تتعاطى بالجديّة اللازمة مع هذا الملف» مشيراً إلى أن «ميقاتي لن يجرؤ حتى على طلب موعد لزيارة سوريا، والسوريون لن يوجّهوا له دعوة رسمية». استياء سوريا مصدره أن السلوك اللبناني تجاه الملف السوري شعبوي وغير إنساني وفيه نوع من الاستغلال الرخيص، وهذا يأتي رغم أن السلطات الرسمية السورية قدّمت تسهيلات قضائية وأمنية لإعادة مواطنيها إلى بلدهم إلا أنه لم يظهر في المقابل أي تجاوب لبناني؛ فهناك عفو سوري عن أصحاب الملفات الأمنية، وعلى المستوى القضائي سمح الأمن العام السوري للنازح الذي عليه ملاحقات قضائية بالعودة عن الحدود إلى لبنان. ولكنّ «اللبنانيين لم يأخذوا الأمور بجدية على المستوى الرسمي الأعلى، إذ لا تفويضات، ولا لجان تنسيق وزارية مع السوريين». ورغم تفهّم السوريين الضغط الدولي على السياسيين اللبنانيين لعدم إعادة كلّ النازحين، يطالبون بتطبيق القانون اللبناني، وعدم معاملة النازحين بطريقة استفزازية، والتوقف عن المكابرات الإعلامية التي لا مغزى لها سوى إثارة الفتن.
كما حصلت المساحات المائية المشتركة بين لبنان وسوريا على حصّة كبيرة من لقاءات فياض. فالبلدان يشتركان بعدد من الأنهر والمساحات المائية، أبرزها نهر العاصي بقاعاً، والنهر الجنوبي الكبير شمالاً. وهذه الشراكة محكومة باتفاقيات مائية موقّعة بين البلدين لا يُنفذ جزء كبير منها، إذ يحق للبنان بناء سدّ على نهر العاصي، وخلال حرب تموز 2006 دمّر العدو الإسرائيلي الإنشاءات الأولى للسد التي وضعتها شركة صينية، ما أدى إلى عطش المزروعات في منطقة القاع. ولحل هذه المشكلة، يشير فياض إلى «الاتفاق مع الجانب السوري على حفر آبار مدروسة تحت مظلة الاتفاقية، ووضع كوتا بالكميات التي يمكن سحبها من الآبار بموافقة الجانب السوري، أو إيجاد حلول مرحلية أخرى مثل تجميع المياه في برك، ومن ثمّ نقلها إلى المزارعين».
أما في النهر الجنوبي الكبير، فـ«تمّ الاتفاق مع الجانب السوري على تعزيل النهر، وإقامة إنشاءات على شكل سواتر من الإسمنت من الجهة اللبنانية تمنع فيضان النهر المتكرر في كلّ شتاء»، يقول فياض. وتأتي إثارة موضوع النهر الجنوبي الكبير بعد هطول كميات كبيرة من الأمطار خلال وقت قليل بسبب التغيّرات المناخية خلال الشتاء المنصرم، ما أدى إلى تدمير جزء كبير من محصول الحشائش والخُضر في منطقة عكار.