وسط الشائعات التي تلاحق مطار بيروت الدولي، أصبح المطار عبارة عن «بالون منفوخ» صورته لا تعكس وضعه الحقيقي. فقد تبيّن، بحسب دراسة لوزارة الأشغال حدّدت فيها 15 أولوية للعمل بهدف تحسين وضع المطار التشغيلي، أنه يحتاج إلى نحو 20 مليون دولار من أجل الصيانة الضرورية التي تتعلق بالرادار والحمامات والمصاعد والسلالم الكهربائية وإزالة العوائق التي أشارت إليها المنظمات الدولية قبل سنوات تحت عنوان الحفاظ على السلامة العامة، فضلاً عن صيانة السياج المحيط لجهة الإضاءة والكاميرات.في رسالة موجّهة من المدير العام للطيران المدني بالوكالة، فادي الحسن، لوزير الأشغال والنقل علي حمية، تمّ تحديد «قائمة بالأشغال والتجهيزات الملحّة المطلوبة لتأمين استمرارية تشغيل المطار». تأتي هذه المراسلة استجابةً لتقرير منظّمة الطيران العالمي «ICAO» التي جرّدت كلّ نواقص مطار بيروت في تقرير من 12 نقطة. وعلى إثر هذا التقرير، طلب مجلس الوزراء في تشرين الأول الماضي، من وزارة الأشغال العامة والنقل ومجلس الإنماء والإعمار، العمل على إعداد التقارير والدراسات اللازمة لأعمال الصيانة في المطار، إنما من دون رصد أي مبالغ مالية لزوم الصيانة في حينه. وبدوره، طلب حمية من مجلس الإنماء والإعمار «العمل على رفع تقرير بالكلفة التقديرية لهذه الأشغال». وبحسب معلومات «الأخبار» فإن الاستشاري دار الهندسة، أجرى دراسة كلفة أوليّة للنقاط الواردة في التقرير، تشير إلى أن الكلفة المطلوبة لتأمين استمرارية العمل في المطار قد تصل إلى 20 مليون دولار.
على لائحة الأولويات لمطار بيروت الدولي، صيانة الرادار، أو بالأحرى «شراء نظام رادار جديد» بحسب تقرير سابق لمنظمة الطيران المدني الدولي «ICAO». تبلغ قيمة التجهيز المطلوب 7 ملايين دولار كان يُفترض أن يدفعها لبنان من حقوق السحب الخاصة «SDR» سنداً لقرار مجلس الوزراء الرقم 10 الصادر عام 2023. إلا أنه ليس واضحاً ما هو مصدر الأموال المخصّصة لشراء هذا الرادار اليوم بعدما نفدت أموال حقوق السحب الخاصة. فإذا كانت الأموال حُوّلت إلى حساب المديرية العامة للطيران المدني في ذلك الوقت، فإنه لا يتبقّى إلا إجراء مناقصة عالمية عبر منظمة الطيران المدني الدولي.
اللائحة طويلة، وتحتوي على نقاط جوهرية لتحسين عمل المطار، ورغم أنّها تشير إلى تهالك أصاب مبنى المطار لعوامل زمنية، إلا أنها تؤكّد وجود مرفق حيوي لا يمكن استبداله. وتشمل لائحة الأشغال ذات الأولوية، إجراء مسح جوي للعوائق المحيطة بالمطار، وهو من مسؤولية المديرية العامة للطيران المدني ويشمل الأبنية الجديدة المقامة حول المطار، ولا سيّما أنّ التضاريس الطبيعية المحيطة بالمطار أعلى منه، وتستلزم هذه الزيادة العمرانية إجراء دراسات تفصيلية، خاصة أنّ القواعد المتّبعة من الطيران الدولي توجب إجراء مسح للعوائق كل 5 سنوات. كذلك، تشمل اللائحة تركيب أجهزة تحكّم وإدارة للطاقة الكهربائية، وشراء مولّدات مع أجهزة التزامن الخاصة بها، وتحديث أجهزة مساعدة الطيارين على الهبوط والإقلاع وسير الطائرات على المدارج، خاصةً أنّ تعطّل هذه الأجهزة يؤدي إلى شل حركة المطار، بحسب تقرير سابق لمديرية الطيران المدني.
أيضاً، طلبت الوزارة صيانة الإضاءة الخاصة بالمدارج ومواقف الطائرات، وتغيير وتحديث أحزمة نقل حقائب المسافرين، وصيانة السلالم الكهربائية والحمامات، ووضع دراسة للطرقات المحيطة بالمطار، وصيانة كلّ من مواقف الطائرات على أرض المطار، وأنظمة الإشارة والعلامات على المدارج وفي مداخل الركاب، والسياج المحيط بالمطار، والمصاعد، وأنظمة دعم وتوليد الطاقة التي لا تنقطع عن منشآت المطار.
وفقاً للمعنيين في الصيانة في المطار فإن «المباني والتجهيزات ناهز عمرها 30 سنة»، والتحسينات التي طرأت عليها «تجميلية فقط، ولم تدخل تحت عنوان التحسين أبداً خلال العقود الثلاثة الماضية». مثلاً، محطة الكهرباء الرئيسية في المطار تحتوي 4 مولدات، كلّ واحد منها طاقتها الإنتاجية القصوى تصل إلى 8 ميغا واط ساعة، إلا أنّ عمال الصيانة في المطار لا يسحبون أكثر من 3 ميغا واط ساعة من كلّ مولّد خوفاً من وقوع عطل كبير عليها. وخلال السنوات الماضية ضغطت هذه المولّدات كثيراً بسبب الانقطاعات الكبيرة في التيار الكهربائي، واضطرار إدارة المطار إلى الاعتماد عليها لتشغيل مرافقه. وهنا تذكر مصادر «الأخبار» أنّه «لولا الصيانة الدائمة للمولّدات، وعدم تحميلها طاقة عالية لانهارت منذ زمن بعيد، لأنها تجاوزت عمرها الافتراضي بسنوات». وتشير المصادر إلى «اعتماد عمال الصيانة على خبراتهم في إعادة تدوير وإنتاج بعض القطع بالاعتماد على المخارط لأنّ الشركات المزوّدة توقفت عن إنتاجها كونها باتت غير مُستخدمة عالمياً». وحول حلّ مشكلة الطاقة الاحتياطية، لفتت المصادر إلى «حاجة المطار إلى 3 مولّدات إضافية بقدرة 5 ميغا واط لكلّ مولّد مع أجهزة التزامن الخاصة بها لتدخل الشبكة بشكل سلس، وعندها يعود وضع الطاقة إلى السليم».