أزمة الدواء تكبر: لا استيراد ولا توزيع ولا بَيع!

وصلت أزمة الدواء في البلاد إلى حدّ حرمان مرضى السرطان من علاجاتهم. فاليوم، ومع تمدّد الأزمة وتعنت مصرف لبنان ومن خلفه المستوردون وأصحاب المستودعات، يواجه هؤلاء خطر العودة في علاجاتهم إلى النقطة الصفر… وبعضهم يواجه خطر الموت، وخصوصاً أن ما يقرب من 70% من أدوية الأمراض السرطانية والمستعصية باتت مفقودة من مستودعات وزارة الصحة العامة، في مركز الكرنتينا كما مراكز الأقضية.

يحدث كل ذلك فيما حاكم المصرف المركزي رياض سلامة يقف متفرجاً على الموت الآتي، فإلى الآن وبرغم إرسال وزارة الصحة العامة لائحة الأولويات، بناء على طلبه، إلا أن بنود الاتفاق لم تنفذ، إذ إنه لم يجدول مستحقات المستوردين السابقة ولم يصرف تالياً المبلغ المتفق عليه، وجلّ ما صرفه إلى الآن ثلاثون مليون دولار أميركي من أصل خمسين مليوناً، ولم ترفق تالياً بلوائح الأدوية ولا الشركات التي شملها المبلغ، ما يصعّب على الوزارة مهمة المتابعة. وتضاف هذه الأزمة إلى أزمة سابقة تترجم بامتناع المصرف المركزي عن تسليم الوزارة أيضاً لوائح وفواتير الأدوية المدعومة السابقة، وهو ما يجعل الوزارة عاجزة عن تتبع الأدوية في المستودعات لمعرفة الكميات المخزنة. وإذ تضع مصادر وزير الصحة هذا الأمر في خانة «الثقة المفقودة بين الطرفين»، ترفض مصادر أخرى هذا التوصيف، وخصوصاً أن «هذه الكلمة مؤدبة بعض الشيء، فيما الأساس هو أن الحاكم ليس معنياً بما قد يحدث للناس، ولو كان الموت». ويدلّل هؤلاء على ذلك بالجمود المستمر منذ السابع من أيار، حيث تقف معاملات الأدوية بلا حل.

يتحمل مصرف لبنان الجزء اليسير من تداعيات الأزمة، فيما يتوزع الجزء الآخر من المسؤولية ما بين السلطة السياسية من جهة ومستوردي الأدوية وأصحاب المستودعات من جهة أخرى. في الجزء الأول، وفي اجتماع بعبدا الأخير، انشغل رئيسا الجمهورية والحكومة في كيفية تأمين الغطاء لأصحاب الاحتكارات من خلال العمل على إقفال الباب على قرار وزارة الصحة القاضي بالسماح بالاستيراد الطارئ للأدوية. ويشبّه البعض ما جرى في القصر أخيراً بـ«النقاش في جنس الملائكة، فيما المشكل يكمن في مكانٍ آخر». أما الأزمة الأخرى، فهي في سلطة المحتكرين والمستوردين وأصحاب المستودعات الذين يمتنعون عن الاستيراد والتسليم.

وقد تخلل أمس وأول من أمس اجتماعات مع المعنيين في ملف الدواء بمن فيهم المستوردون ونقابة الصيادلة. وكان العنوان الأساس رسم خريطة طريق للوصول إلى حل أزمة الدواء، إضافة إلى النقاش حول جعالة الصيادلة والمستوردين. ولم تتوصل الوزارة إلى الآن إلى حل في ما يخص الحد من أزمة الدواء، وقد طرحت عدة سيناريوات، منها سيناريو تأمين الدعم لهم على أساس 12 ألف ليرة للدولار، إلا أنه لا اتفاق بانتظار استكمال النقاشات الثلاثاء المقبل. أما بالنسبة إلى الجعالة، فمن «المتوقع أن يتبلور الاتفاق الثلاثاء المقبل، حيث تتجه الأمور نحو الحلحلة»، على ما يقول نقيب الصيادلة غسان الأمين. من هنا، تسلك وزارة الصحة العامة طرق الحلول الظرفية، حيث أعلن وزير الصحة العامة، حمد حسن، عن السير بقرار فتح باب الاستيراد الطارئ، مطمئناً إلى أن ملفات الاستيراد التي قدمت تخضع لدراسة لجنة أكاديمية متخصصة لضمان الجودة والفعالية. وفي انتظار ما ستؤول إليه الأمور، دعا من الجهة الأخرى المواطنين إلى التوجه نحو مراكز الرعاية الصحية الأولية للحصول على أدوية الأمراض المزمنة، والتي تقدر في المراكز بـ 84 دواء، مؤكداً أنه يمكن لهذه المراكز استيعاب 500 ألف مريض حتى آذار من العام المقبل.

مصدرجريدة الأخبار - راجانا حمية
المادة السابقةدولار السوق السوداء… بين طلع ونزول
المقالة القادمةغجر يوقع الاتفاقية مع العراق اليوم… وتسليم الفيول في غضون أسبوع