أصحاب المولّدات “مافيا” أو “ضحايا”؟

لو طرحنا سؤالاً على الملأ: من هي شخصية العام؟ لأجاب كثيرون: عبدو سعادة. فهذا الرجل الذي أطلّ في كل مرة عبر الإعلام حانقاً متوتراً يُهاجِم ويُهاجَم أصبح في بلادنا أشهر من نار على علم. إتصلنا به. سألناه بهدوء عن “المافيا” التي يتزعمها. سألناه عن تهديد أصحاب المولدات لنا، للناس “المعذبين” في البلد، بالتوقف عن مدّ الزبائن بالكهرباء البديلة وعن سبب ذاك “الكباش” المستديم بين تجمع أصحاب المولدات والدولة والزبائن.

عبدو سعادة، وكأنك الرجل الخارق في الدولة اللبنانية. هذا ما يتردد. فهل أنت حقاً فائق القوّة؟ سألناه ذلك فانطلق كما من ينتظر أن “يكبس” أحدهم على الزر ليبدأ ولا يعود ينتهي: “هل أنا من رفعت الدعم عن المازوت؟ هل انا من سرق المال العام؟ هل انا من قطعت كهرباء الدولة؟ هل انا من صرفت 43 ملياراً على كهرباء لم يرَ الناس منها شيئاً؟ هل وهل وهل… نقاطعة بسؤال: لكن أنتم “مافيا”. هذا ما يُطلق عليكم من القاصي ومن الداني. فهل هناك من تقَصَد إلصاق هذه التهمة بكم لينجو هو؟ يجيب: “سرقت الدولة كل اموال المودعين وصرفت وزارة الطاقة المال العام على “ولا ولا شيء” ولم تعط الكهرباء وحين لعبنا نحن هذا الدور قيل عنا مافيا. فليعطوا الناس الكهرباء و”صحتين على قلبن”. رفعنا اسعارنا؟ هم من رفعوا الدعم عن المازوت فماذا نفعل؟ إذا كنا نحن مافيا لأننا نضطر الى رفع الفواتير فكل “دكنجي” مافيا. نحن نضطر الى ذلك مرغمين. فهل نحن من نسعّر؟ هل انا من يرفع سعر تنكة البنزين مرتين في الاسبوع؟ هل انا من رفعت سعر الدواء والطحين والمازوت؟”.

نسمعه بهدوء، بصوتِ العقل، فنجد أنه يملك بعض الحقّ. فهو، في الحقيقة، أشبه بتاجر، يعمل ليربح، يتدخل حين تتخاذل الدولة ليعطي ويأخذ. هو مافيا؟ هو يعترف بذلك قائلاً “ليست أصابع اليد مثل بعضها… فهناك في كل قطاع زعران وأوادم”. لكن، أين الدولة من كل ذلك؟ هل مسؤولية الدولة “الفالصو” تقتصر على التسعير فقط و”الوجاهة”؟

تفاجأ كثيرون من أسعار فواتير المولدات هذا الشهر، وسيتفاجؤون قريباً بعد وبعد أكثر. فنحن ذاهبون الى “الأعظم”. وبيوت كثيرة أصبح أطفالها يدرسون على شمعة كلما ذابت ذاب قلب الأب معها. فأسعار الشمع حلّقت أيضاً. هناك، بحسب عبدو سعادة، 3500 موتور خاص في كل لبنان، وهناك في المقابل “قدّن” مملوكة من فنادق وسوبرماركات وشركات ومبان. وينتمي نحو 85 في المئة من أصحاب المولدات التي توزع إشتراكاتها الى التجمع وهؤلاء لا ولن يُسعروا بالدولار. وكل ما يُشاع عكس ذلك غير صحيح ويضيف سعادة “نحن قلنا ونكرر أننا مثل سائر القطاعات علينا التسعير بحسب سعر الصرف لا تقاضي التسعيرة بالدولار.

ماذا عن العلاقة بين أصحاب المولدات والدولة؟ يجيب سعادة “نحن نعطي الكهرباء 22 ساعة وتجمّعنا حتى اليوم غير شرعي. والأسوأ أن وزارة الطاقة تُسعّر من دون الجلوس معنا. قطاعنا، إعترفوا أم لا، من أنجح القطاعات ويتعاطون معنا كعدو. تحاول الدولة أن تتعاطى معنا “شعبوياً” من خلال وضعنا في مواجهة الناس والتظاهر على أنها تدافع عن حقوقهم.

يُحذر رئيس تجمع أصحاب المولدات في لبنان. وهو سبق وحذر من يوم ويومين ومن شهر وشهرين ومن سنة وسنتين… فلماذا علينا أن نأخذ كلامه اليوم على محمل الجد؟ يجيب: “ما يحصل أننا كلما صرخنا رموا لنا بفتاتٍ من مطالبنا. إنهم يستخدمون الحلول الجزئية لا الحلول الجذرية. والحلّ الجزئي ما عاد ممكناً. نحن، يوم نفذنا تهديدنا وأطفأنا كل لبنان، أخذونا الى المراكز الأمنية وبهدلونا. إستخدموا معنا الطريقة البوليسية لكن “زمن الأول تحول” وما عاد ممكناً الصمود. يضيف سعادة: قلت لمستشار وزير الطاقة: خذوا موتوراتنا وضووا أنتم. أجابني: كبّر عقلك. نحن لم نعد نبحث عن أرباح بل عن إسترداد الخسائر”.

مصدرنداء الوطن - نوال نصر
المادة السابقةالخبز بالرغيف والخضار والفواكه بالحبّة
المقالة القادمةرسم الكتّاب بالعدل… على سعر “صيرفة”