إعادة هيكلة المصارف شرط النهوض: من سيواجه “لوبي المال”؟

لا شكّ أن ​لبنان​ يحتاج الى الأموال من ​صندوق النقد الدولي​ ليستطيع التعافي، في لبنان هناك جهتان تتنافسان، الأولى تدرك أهمية اعادة هيكلة القطاع المذكور للنهوض بالاقتصاد والبلد، وأخرى تريد الاستمرار بالوضع على ما هو عليه، وبالتالي أصبح المشهد على الشكل التالي: بعض المصارف مُفلسة، أي أن لديها خسائر ورأسمالها لا يغطّيها ولا تملك السيولة، وأكثر من ذلك فانّ الناس لم يعد لديها ثقة بالبنوك لأنهم لا يؤمنون بهم ولا بإدارتهم ولا حتى بالساسية العامة. هذا ما يؤكده رئيس مجلس ادارة FFA Private Bank جان رياشي مشيرا الى أن “الناس لم تعد تعرف ماذا يُمكن أن يصدر من تعاميم أو قوانين يمكن أن تحرمها من أموالها، وبالتالي يجب استرداد الثقة الى القطاع وأن يكون مستقلا وفعالا”.

يشدد جان رياشي على أن “في لبنان حوالي 65 مصرفاً يتنافسون في نفس المجال ولم يستطيعوا ربح الأموال لو لم يتقاضون فوائد من الدولة ومن ​مصرف لبنان​، أي أن ارباحهم هي من فوائد ودائعهم في البنك المركزي ولولا هذا التوظيف لكانوا خسروا أموالا”، في المقابل يؤكد رياشي أن “في كل بلدان العالم كالمانيا وفرنسا وغيرها هناك 4 أو 5 مصارف يعملون كل شيء، و4 أو 5 مصارف متخصصة بأمور معيّنة، وهذا ما يجب أن يحصل في لبنان لتأمين الاستمراريّة مع المشهد الجديد للإقتصاد”، مضيفاً: “إذا يجب تقليص عدد المصارف وتقليص حجم ميزانياتها، وأن تكون قادرة على أخذ القروض وتوظيفها في القطاعين العام والخاص”.

بدوره الخبير الاقتصادي ميشال فياض يشدد عبر “النشرة” على أن “المصارف رفضت التوزيع العادل للخسائر بين الدولة ومصرف لبنان والمساهمين في المصارف وحوالي 1000 من كبار المودعين بأكثر من 10 ملايين دولار (والذين كانوا سيخسرون-بنسبة 13٪) كان من شأنه أن يحمي 2.7 مليون مودع”، مضيفا: “بدلاً من ذلك عرضت المصارف بيع الواجهة البحريّة في لبنان، والعقارات المملوكة للدولة واحتياطيات ​الذهب​ من مصرف لبنان”.

يتحدّث جان رياشي عن تقرير Goldman Sachs العالمي الذي يشير الى وجود فجوة كبيرة في مصرف لبنان، فهو لن يكون قادرا على اعادة أكثر من 20 الى 30% من اموال المصارف الموضوعة لديه، مضيفاً: يؤكد التقرير فيما يتعلق باليوروبوندز أن الدولة ليس لديها امكانية أن ترد حقوق الدائنين (الدائنون هم الاجانب، المصارف، مصرف لبنان)، وستقوم بالتفاوض معهم ليحصل Haircut وبالتالي لن يعيدوا الى الدائنين أكثر من 20% من قيمة السندات الاسمية.

في موضوع ودائع الناس في المصارف، يشدد جان رياشي على عدم وجود حلّ سحري بهذا الشأن، وقد أشار ميقاتي الى أن صغار المودعين الذين تتراوح قيمة حساباتهم بين 50 الى 70 الف دولار سيحصلون على ودائعهم كاملة ب​الدولار​، ولكن في نفس الوقت كل ما يفوق هذا المبلغ سيطاله لـHaircut ولكن بطرق متعددة.

“إعادة هيكلة المصارف تفترض اندماجات فيما بينها، وزيادة رأسمالها وتعديل حصصها مع تخفيف المساهمين الحاليين -“شطب” و”محو” أو إشعاع، وإخلاء المساهمين- والدخول في رأسمال المودعين الكبار (“الكفالة”)”. هذا ما يؤكده الخبير الاقتصادي ميشال فياض، مشيرا الى أن “إعادة هيكلة المصرف المركزي لا يمكن أن تتمّ إلا بتغييرالحوكمة”. أما رياشي فيعتبر أن “المشكلة حالياً أن Lobby المصارف لا يريد أن يخسر أيًّا من المصارف الموجودة”، مشددا على أنه “يجب أن يفرض أحد الحلّ وانشاء هيئة مستقلّة تتولى اعادة هيكلة المصارف وتحديد خسائر كل مصرف ومن ثم الطلب من المصارف أن تضخّ رأس المال واذا لم تستطع ذلك عندها يتم وضع اليد على اسهم المصارف التي لم تنجح ودمجها مع بعضها البعض لنصل الى تقليص عددها”.

إذاً، وبحسب تقرير Goldman Sachs العالمي مصرف لبنان لن يستطيع الا اعادة 20% من أموال المصارف لديه، والدولة لن تستطيع أن تردّ الا 20% من دينها في موضوع اليوروبوندز أما بخصوص ​أموال المودعين​ فلا مفرّ من Haircut لاصحاب الودائع الكبيرة والحل قد يكون بسندات اسميّة لا تساوي أكثر من 20% من قيمتها الحقيقية بالعملة الصعبة!.

مصدرالنشرة - باسكال أبو نادر
المادة السابقةمُساعدات صُندوق النقد الدَولي ليست نُزهة ولا سحرًا!
المقالة القادمةإخبار من فضل الله للقضاء للتدقيق في حسابات شركات الاستيراد واستعادة أموال الدعم المنهوبة