إنشاء محطات التغويز حلّ مُستقبلي مُستدام لكهرباء 24/24

يزدهر اقتصاد “الطاقة الشمسية” بسرعة قصوى في لبنان، سواء اكان نتيجة الاضطرار لتأمين بديل عن اشتراك المولدات الخاصة، او بسبب الانقطاع المستمر للكهرباء العمومية. هذا الحل الذي اكتسح معظم المدن والقرى اللبنانية وبات رائجا في الفترة الحالية، لن يمكّن ألواح الطاقة على الاسطح بمفردها من حل مشكلة تغير المناخ، او الحد من تداعياتها، في ظل ما تشهده مناطق عديدة في العالم من الآثار المدمرة لهذه الظاهرة.

حديثا، ازداد استعمال الطاقة في الآونة الأخيرة، بعد ان أدرك الناس قدرتها على توليد الكهرباء دون انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من جهة، ولتوفير فاتورة المولدات الخاصة، الى جانب فواتير مؤسسة كهرباء لبنان التي اصبحت عالية جدا من جهة أخرى. وبات المواطن يفتش عن حلول أكثر يسرا واقتصادا واستدامة، والاهم اقل ضرار على الصحة العامة.

فبعد ان نمت القدرة العالمية المركبة للطاقة الشمسية نموا ملحوظا على مر السنين، حلّت الصين والولايات المتحدة والهند في الصدارة. وفي هذا الإطار، أجرى فريق من صحيفة “لوس انجلوس تايمز” الأميركية (Latimes) استطلاعا لواقع الطاقة المتجددة في صحراء موهافي الممتدة بين ولايتي كاليفورنيا ونيفادا، اذ تريد الشركات بناء عشرات المزارع الشمسية، وانشاء أكبر بؤرة لمشروعات الطاقة الشمسية في الولايات المتحدة.

هل يمكن التخلي عن كهرباء الدولة؟

على الصعيد اللبناني، شرح أحد المهندسين الميكانيكيين لـ “الديار” ، ويعمل في معمل الجيّة الجديد، عن هذا الجانب قائلا:” لا يمكن للطاقة الشمسية ان تكون بديلا نهائيا عن الكهرباء، ولكن بما ان التيار الكهربائي في لبنان غير متوافر او مستقر في معظم الأوقات، فالطاقة الشمسية تعد حلا مؤقتا، لكنها لا يمكن ان تحل مكان الكهرباء الرسمية على مدار السنة، خاصة في فصل الشتاء. ففي حال كانت السماء ملبدة بالغيوم لا يمكن شحن البطارية، وبالتالي إذا أراد المواطن الغاء ساعته ،فعليه ان يعتمد على الطاقة الشمسية صيفا وفي الشتاء يمكنه ان يشتري مولدا صغيرا خاصا به ، حيث يمكن تشغيله لعدة ساعات وتشريج البطارية”.

واشار “الى ان معظم الناس ابقوا على اشتراك مولد الكهرباء فقط، من اجل تشريج البطاريات في حال كانت الشمس ضعيفة”، مؤكدا “ان الطاقة النظيفة ليست عوضاً، ولكن في حال بقيت التغذية العمومية شبه منعدمة، ولا تؤمن الكهرباء للبنانيين لأكثر من ساعتين في اليوم، فمن المنطق ان يسعى المواطن الى تجميدها او الغائها حتى”.

كم لوح طاقة يحتاج المنزل؟

فصّل المهندس الميكانيكي لـ “الديار” ان “6 الواح تكفي حاجة المنزل خلال فصل الصيف، ولكن 20 لوحا قد لا تكون كافية في الشتاء. اذ ان كل بيت يحتاج الى 4 او 5 امبير تقريبا، أي ما يعادل واحد كيلوواط، بينما واحد ميغاواط يؤمن التغذية لحوالي 1000 منزل، و1700 ميغاواط توفر التغذية لمليون وسبعمائة ألف وحدة سكنية”.

المعامل مهترئة وما خفي أكثر تلفاً

على خط مواز، قال مصدر في مؤسسة كهرباء لبنان لـ “الديار” ان لبنان “بدأ بالاعتماد على المحطات الحرارية لإنتاج الطاقة الكهربائية منذ السبعينات، وهي معامل تستخدم المحروقات مثل الفيول اويل، الديزل اويل او الغاز، لتوليد الطاقة الكهربائية، ولدى لبنان 7 معامل حرارية تعتبر قديمة جدا، كما ان المعامل الرئيسية التي تعمل هي دير عمار، الذوق الجديد والقديم، الجيّة الجديد والقديم، الزهراني، أيضا معمل صور وبعلبك والحريشة”. واكد المصدر “ان هذه المعامل قسم منها يعمل على الفيول والقسم الآخر على المازوت، لكن المشكلة الرئيسية هي في الاعطال وتأمين قطع غيار للصيانة، الى جانب اهتراء المعدات بشكل شبه كلي”.

واستكمل موضحا: “في حال صدقت مؤسسة كهرباء لبنان وزادت التغذية بمقدار 10 ساعات، فإن خيار إبقاء ساعة الدولة يبقى اوفر، والتسعيرة اقل من فاتورة عدادات المولدات الخاصة. لكن الأمور مرتبطة بالإنتاج والتغذية العمومية، أيضا هذا الامر متصل بوضع المعامل، بحيث ان معملي الجيّة والذوق يحتاجان الى صيانة وتأمين قطاع غيار وزيوت، لذلك فإن الضغط سيكون على معملي دير عمار والزهراني، لان الماكينات اجدد مقارنة بمعدات المعامل الأخرى”.

إشكاليات حدّث ولا حرج!

وأكد المصدر في مؤسسة كهرباء لبنان “ان المعامل الحرارية في لبنان مرقّعة وقديمة، حيث ان انشاء اول معملين يعود الى السبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، وتستخدم هذه المعامل الفيول الثقيل او الديزل اويل بدل الغاز الطبيعي، وهذا يرتب كلفة أكبر وتلوث أكثر، الى جانب هدر في شبكة التوصيل القديمة والمهترئة، والذي يصل الى أكثر من 40%”. وتابع المصدر “أيضا عدم وجود هيئة ناظمة لقطاع الكهرباء تدير وتنظم عمل هذا القطاع، الى جانب غياب الشفافية في تلزيم التراخيص والمشاريع المتعلقة بالطاقة. ناهيكم عن غياب المنافسة بسبب احتكار شركة الكهرباء، ووجود شبكة موازية غير شرعية لإنتاج الطاقة، متمثلة بالمولدات منذ أكثر من 30 عاما حتى اليوم، وتدخل حوالي 3 مليار دولار في السنة وغير خاضعة للضرائب، ولديها خطوطها الخاصة للنقل والتوزيع والجباية وتحصيلها يصل الى 100%”. لافتا الى “السرقات التي تطال غرف الكهرباء العائدة لمؤسسة كهرباء لبنان في مختلف المناطق اللبنانية”.

الحل بالتغويز!

وأشار المهندس الميكانيكي الذي يعمل في معمل الجيّة “الى ان مصطلح التغويز يقوم على تحويل الغاز المسال الغير قابل للاستخدام في محطات توليد الطاقة الكهربائية، الى غاز جاهز للاستخدام”. واكد ان “التغويز هو أي عملية كيميائية أو عملية تسخين تستخدم لتحويل مادة ما إلى غاز. وإنتاج أنواع الوقود الغازي بالتفاعل بين مواد ساخنة ذات محتوى كربوني وبين الهواء أو البخار أو الأكسجين. وتتم هذه العملية في درجة حرارة مرتفعة، ويتسم ناتج التغويز بأنه مزيج من الغازات القابلة للاشتعال ومركبات القار مع جسيمات أخرى وبخار الماء”. ولفت الى “ان معامل الكهرباء الجديدة يمكنها العمل على الغاز، خاصة إذا كان الغاز متواجدا فلا ضرورة لتسييله، لذلك يمكن للبنان الاستفادة من الغاز في حال تم استخراجه من البلوك رقم 9 ،دون اخضاعه الى عملية تسييل، ويمكن لمعملي الجية الجديد (2) والذوق الجديد (2) العمل على الغاز، الى جانب معملي دير عمار والزهراني بسلاسة”، موضحا “ان هذه المعامل تم تجهيزها لتحويلها من العمل على الفيول الى الغاز مسبقاً، لذلك فإن نقلها ليس أمرا شائكاً”.

 

مصدرالديار - ندى عبد الرزاق
المادة السابقةأسعار باقات الزهور إرتفعت كباقي السّلع
المقالة القادمةسياسة الحاكم بلإنابة منصوري تضع السياسيين تحت مسؤولياتهم