ارتفاع الأسعار عالميا يفاقم ديون الدول الفقيرة

حملت تحذيرات المؤسسات المالية الدولية حول احتمال اتساع رقعة الديون في الدول النامية بسبب الارتفاع الكبير في أسعار المواد الأولية في الأسواق العالمية أخبارا محبطة للحكومات، حيث تجد نفسها تائهة بين مواجهة الجائحة وحماية الناس اجتماعيا. وأكد ديفيد مالباس رئيس البنك الدولي في كلمة ألقاها من العاصمة السودانية الخرطوم قبل اجتماعات سنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي في منتصف أكتوبر الجاري أن وضع الديون في الدول الفقيرة قد يتدهور مع تقلبات أسعار السلع الأولية وارتفاع أسعار الفائدة.

وحث تلك الدول على بدء إجراءات تدريجية لضبط الأوضاع المالية للحفاظ على ثقة المستثمرين. وقال إنه اعتبارا من منتصف العام الجاري، أكثر من نصف الدول الأشد فقرا في العالم “في وضع صعب من حيث الدين الخارجي أو معرضة لخطره”.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتريش قد أكد في مارس الماضي أنه على الرغم من اتخاذ خطوات مهمة لمنع أزمة الديون في جميع أنحاء العالم التي أثارتها أزمة كوفيد – 19، إلا أنها غير كافية لاستعادة الاستقرار الاقتصادي في العديد من البلدان النامية.

وسيثقل تفاقم عبء الدَّين العام العالمي كاهل الاقتصادات الناشئة بشكل متزايد، بعد الأزمة الصحية العالمية التي ضاعفت معدلات الاقتراض. وقال مالباس “عندما تنتهي فترة تطبيق مبادرة تعليق مدفوعات خدمة الدين بنهاية العام الجاري، ستشهد الدول منخفضة الدخل التي ستستأنف دفع فوائد الديون انكماشا في حيزها المالي”، وهو ما يحدّ من قدرتها على شراء اللقاحات وتمويل أولويات الأخرى. وكرر دعوته إلى تسريع وتيرة التعاون لتنفيذ إطار عمل مجموعة العشرين لإعادة هيكلة الديون للدول الفقيرة بما يشمل القطاع الخاص وهو إطار عمل لم يفلح حتى الآن في تمديد إمهال الجهات الدائنة للمقترضين السياديين.

وقال مالباس “حان الوقت لاتباع إجراءات ضبط مالي تدريجي وفي صالح الناس، ولإعادة هيكلة الدين غير المستدام”. وأضاف أن الدول يجب عليها في ذات الوقت أن تعيد تشكيل مدفوعات ديونها في الوقت الذي لا تزال فيه أسعار الفائدة منخفضة، مع القضاء على الهدر في الإنفاق.

وبحسب إحصائيات لوكالة فيتش للتصنيف الائتماني، فإن مجموع فوائد قروض الدول النامية ستبلغ في 2022 قيمة فوائد قروض الدول الغنية نفسها، أي ما يناهز 860 مليار دولار، رغم أن مجموع ما اقترضته يبلغ ثلث قيمة قروض الدول الغنية فقط. وتسببت الأزمة الصحية في ارتفاع قيمة الديون الحكومية بمقدار 10 تريليونات دولار في العام الماضي لتبلغ قرابة 77.8 تريليون دولار، وهو ما يعادل 94 في المئة من الناتج الإجمالي العالمي.

وتشير التقديرات إلى أن متوسط الدين العام في البلدان النامية يبلغ 60 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهي النسبة ذاتها تقريبا في الدول ذات الاقتصادات المتقدمة. وفي ظل هذه الأعباء المتزايدة على الاقتصادات النامية، يرى خبراء اقتصاد أنه يتحتم على صناع القرار الإسراع في إيجاد حلول وعدم وضع جميع الدول في القالب ذاته.

ويعتقد خبراء في العديد من المنظمات الدولية، من بينها معهد التمويل الدولي، أنه من الضروري مواجهة هذا التفاوت المتزايد في عبء الدَّين العام العالمي لإيجاد حلول أكثر استدامة. ويرى مالباس أنه من الضروري العمل لزيادة نطاق جهود التنمية للمساعدة في إعادة بناء الاقتصادات بعد تبعات جائحة كوفيد – 19. وقال “لإحداث تأثير، نحتاج إلى تعليم وتغذية وبرامج تطعيم تصل إلى المئات من ملايين الأطفال. نحتاج إلى برامج تحويل السيولة رقميا يمكنها أن تقدم الموارد الضرورية لمليارات الأشخاص قبل الأزمة المقبلة”.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةالباخرة الثانية من الفيول العراقي بدأت بتفريغ حمولتها في الذوق
المقالة القادمةتعاون مصري – فرنسي لبناء 15 سوقا حديثة لتجارة الجملة