استراتيجية “الريجي” للتنمية المستدامة: مبادرات وسياسات حديثة في مواجهة التحديات

يشهد العالم تحديات جمّة وفي مختلف المجالات والقطاعات الاقتصادية والبيئية والصحية، ولبنان ليس استثناءً، ولا نبالغ بالقول بأن لبنان هو من أكثر دول العالم التي تواجه هذه التحديات مجتمعةً. ولكن، من ناحية أخرى، بدأ العالم بالنظر إلى حلول مستدامة في مواجهة هذه التحديات، من خلال ابتكار وسائل بديلة قد توفر مخرجًا من مختلف الأزمات.

وإذا أردنا الحديث عن لبنان بشكل خاص، يمكننا القول بأن البلاد تواجه مشكلات أصبحت تشكل السمة اليومية لحياة الملايين من اللبنانيين، سواء في قطاع الطاقة والكهرباء، أو في قطاع البيئة والمياه. ولكن من صلب هذه التحديات، بدأت المؤسسات والشركات اللبنانية في النظر إلى حلول بديلة مستدامة ومستقبلية، تعبر عن بعد النظر لدى هذه المؤسسات لكي لا تبقى عالقة في مشاكل الحاضر دون المحاولة في إيجاد الحلول.

تُعتبر إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية “الريجي” مثالًا واقعيًّا وأنموذجًا عن المؤسسات التي بدأت مبكرًا في البحث وتطبيق حلول بديلة للخروج من الأزمات والتحديات، ووعت لأهمية دورها في التنمية المستدامة ودعم الاقتصاد الوطني والخزينة العامة وحماية البيئة ومكافحة التجارة غير المشروعة، وتحسين المجتمعات المحلية وحفظ الموارد للأجيال المقبلة، فترجمت ذلك من خلال استراتيجية تنموية مستدامة تعتمد على ايجاد وسائل بديلة فعالة بعيدًا عن الأساليب التقليدية وعبر مشاريع ومبادرات اقتصادية واجتماعية وبيئية أكسبتها قيمة إضافية وسمعة مميزة تخطت حدود لبنان والأزمات الملتصقة به لتجذب مستثمرين وشركات عالمية. انطلاقًا من دورها وحسها بالمسؤولية والتزامها المعايير الدولية، تلتزم الريجي بمبادئ الحد من الضرر الناتج عن نشاطاتها، والذي يعني تطبيق سياسات وتبني وسائل بديلة عن تلك التقليدية في مواجهة التحديات، بدلًا من الاستسلام لتلك المشاكل والقبول بها كواقع للعيش، والضرر هنا قد يكون اقتصاديًّا أو بيئيًّا أو صحيًّا، وبالتالي تبنّي هذا النوع من السياسات يساهم في إيجاد بدائل مستدامة لتلك الوسائل التي أصبحت جزءًا من المشكلة وليس الحل.

يعتبر قطاع الطاقة والكهرباء من أكثر القطاعات التي تشكل تحديًا للبلاد، ومن هنا بدأت “الريجي” في البحث وتطبيق حلول ووسائل بديلة للمساهمة في خفض استهلاك الطاقة والكهرباء في مصانعها من خلال استبدال الأنظمة التقليدية بالطاقة البديلة، من تركيب أنظمة موفرة للطاقة LED وطاقة شمسية في مراكز عمل عدة لديها، ما أسهم بخفض استهلاك الطاقة بشكل كبير. هذا مثال لِما يطلق عليه نهج “الحد من الضرر” في مجال الطاقة والكهرباء على سبيل المثال.

كما لا بد من تسليط الضوء على قطاع البيئة والمياه، وهو أحد المجالات التي تعتبر من أكبر التحديات التي تواجه المجتمع اللبناني. لم تقف “الريجي” مكتوفة الأيدي، بل أسهمت في ايجاد وسائل وحلول بديلة تدعم من خلالها المجتمع وتخفف كلفة الزراعة على المزارعين عن طريق تجهيز آبار ارتوازية كمصدر بديل لسد النقص الحاصل في مياه الشفة، يضاف إلى ذلك مشاريع البرك لتجميع مياه الأمطار لمنع هدرها والاستفادة منها وتأمين مورد مائي مستدام. هذا ناهيك عن الدور الفعال الذي أدته الريجي في فرز نفاياتها وتدويرها ونشر ثقافة الفرز لدى العاملين في المؤسسة. كل هذه المبادرات هي مثال واقعي على نهج “الحد من الضرر” الذي اعتمدته المؤسسة في مواجهة التحديات بدلًا من الاكتفاء بحلول نظرية غير فاعلة وغير مستدامة.

وفي هذا الصدد أكد رئيس إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية “الريجي” مديرها العام المهندس ناصيف سقلاوي، أن الحد من الضرر جزء لا يتجزأ من سياسة التنمية المستدامة التي تنتهجها المؤسسة في مجال البيئة وحتى الأمور الحياتية اليومية، وواجب علينا كمؤسسة نموذجية في القطاع العام أن نعمل على تحفيز المجتمع للتوجه بأفراده ومؤسساته نحو الوسائل والمنتجات البديلة”.

وأضاف سقلاوي أن نهج “الحد من الضرر” ليس حصرًا على قطاع معين، ومثال ذلك ما ابتكرته شركات صناعة التبغ العالمية من وسائل بديلة عن منتجات التبغ التقليدية للحد من أضرار التبغ، والتي لا تقتصر على الأضرار الصحية، بل تمتد لتشمل الأضرار الاقتصادية أيضًا، مؤكدًا بأن “الريجي” تنظر إلى تعزيز الاستدامة في مختلف القطاعات بعيدًا عن طريقة التفكير بالأساليب التقليدية بغض النظر عن القطاع.

وأضاف سقلاوي أن اعتماد استراتيجيات “الحد من الضرر” في سياسات مكافحة التدخين قد يكون لها دور في تخفيض التكلفة الصحية والاقتصادية على المجتمع، كما هو الحال في قطاعات الطاقة والبيئة، وهو نهج تتبناه “الريجي” من أجل بناء قطاعات اقتصادية وبيئية وصحية واجتماعية مستدامة.

واختتم مؤكدًا التزام الريجي تأمين حاجة السوق اللبناني من كل أنواع المنتجات التبغية بما فيها منتجات التبغ الحديثة مثل منتجات التبغ المسخن والسجائر الإلكترونية وغيرها، الأمر الذي يحافظ على إيرادات الدولة من هذه المنتجات عوضًا عن إدخالها بطريقة غير شرعية مع الحرص على تطبيق القوانين الدولية بشأن مكافحة التبغ مثل حظر الإعلان عن هذه المنتجات وتزويدها لرؤساء البيع المرخص لهم فقط، متعهدًا استمرار إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية بالبحث الدائم والاستثمار في مجال البحوث لتأمين أفضل المنتجات وأقلها ضررًا على المستهلك والبيئة معًا.

مصدرنداء الوطن
المادة السابقةالمصانع تعاني من منافسة غير مرخصة… هذا تعليق بوشكيان
المقالة القادمةزيارة بايدن للسعودية ترفع سقف التوقعات بتعزيز شراكات الاستثمارات الثنائية