قلَّصت الأزمة المالية قدرة وزارة الاتصالات وهيئة أوجيرو على تأمين الدولارات الكافية لشراء المستلزمات الضرورية، لإنجاز عمليات الصيانة وضمان استمرار الخدمات بجودتها المطلوبة. ولم يكن أمام الوزارة والهيئة سوى تعديل الأسعار لتحقيق إيرادات تغطّي بعض النفقات.
العجز المالي ما زال واضحاً من خلال توقُّف الكثير من السنترالات عن العمل بسبب نقص المازوت أو الأعطال التقنية، وعدم وجود قطع غيار بالكميات المطلوبة. ومع ذلك، أعدّت الوزارة والهيئة خطة طوارىء لإدارة القطاع في حال نشوب الحرب. وطمأن وزير الاتصالات جوني القرم، إلى أن “الدولارات موجودة”.
الاستعداد لأي طارىء
لا يريد وزير الاتصالات “تخويف الناس” من خلال طرح خطة الطوارىء والاستعداد للحرب، إذ لا بد من التحسّب للأسوأ. وإذا كانت أوجيرو أعلنت أمس الأربعاء أن فرق الاستجابة للطوارىء “جاهزة للتعامل مع أي مشكلة عاجلة”، وأنّها تنسّق مع السلطات المحلية والجهات المعنية لضمان التقيّد بالأنظمة والإرشادات، أكّد القرم في حديث لـ”المدن” اليوم الخميس، أن خطة الطوارىء “تشمل مولّدات متحرّكة سيتم نقلها بين المناطق نحو السنترالات التي قد تتوقّف عن العمل بسبب أعطال المولدات”. كما أنه تم تأمين “مخزون كامل من المازوت”.
وشرح القرم أن كلفة تأمين المولّدات والمازوت وما يلزم لأعمال الصيانة في حال الحرب “أخذت من الاحتياطي الذي كان موضوعاً جانباً لدفعه للخدمات الخارجية، أي للمورِّدين في الخارج، وذلك بسبب صعوبة شراء الدولارات فوراً. واليوم جرى اتخاذ قرار باستعمال تلك الدولارات عندما تدعو الحاجة”. ولفت النظر إلى أن “اتخاذ هذا القرار لا يحتاج إلى إقراره في مجلس الوزراء”.
موظّفو أوجيرو يتغاضون عن مطالبهم
تنفيذ خطّة الطوارىء لا يصح عند الحاجة إلاّ إذا وافق الموظّفون على التنفيذ. سيّما وأن الخطر الأمني سيصيبهم أثناء عملهم “وهو ما تعرّض له بعض الموظفين خلال حرب تموز 2006″، وفق ما قاله نائب رئيس نقابة موظفي أوجيرو، مازن حشيشو، الذي أعلن لـ”المدن”، أن الموظفين “سينفّذون خطة الوزارة والهيئة في حال اندلاع الحرب”.
في تلك الحالة الطارئة “لا مجال للحديث عن مطالب الموظفين ومستحقاتهم وأوضاعهم. فالموظّفون وقفوا إلى جانب الهيئة ووطنهم وقاموا بواجبهم في ذروة انتشار فيروس كورونا، وأثناء ثورة 17 تشرين الأول 2019، بالإضافة إلى أحداث التفجيرات وغيرها. ولم يوقِف الموظفون أعمال الصيانة في السنترالات”.
مطالب الموظفين المعيشية “سيتم التغاضي عنها خلال الحرب. مع أن بعض الموظفين غامروا بعد حرب تموز بالعمل في مناطق طالتها القنابل العنقودية، وكان ذلك قبل انتشار الجهات الدولية التي تعمل على نزع الألغام في الجنوب. ولذلك، نتغاضى مؤقتاً عن مطالبنا ونكون في جهوزية تامة لأي طارىء فمن المهم إبقاء تشغيل الاتصالات والانترنت في حالات الحرب”. ولا ينكر حشيشو الفارق الكبير بين أوضاع البلد وأوجيرو وقطاع الاتصالات بين اليوم وتموز 2006. فحينها “كان الوضع المالي أفضل وكانت الهيئة قادرة على شراء قطع الغيار”.
تغيّرت ظروف الدولة مالياً بين تموز 2006 والعام 2023. وإذا كان بالإمكان دفع كلفة الصيانة قبل نحو 16 عاماً، فإن هذه الإمكانية محدودة في الوقت الراهن. حتى أن المبالغ المرصودة لخطة الطوارىء، ستترك فجوة إذا ما صُرِفَت، لصعوبة تعويضها من إيرادات الوزارة. أما في حال اشتداد القصف واستهداف إسرائيل للبنى التحتية لقطاع الاتصالات، فإن معدّل انقطاع الاتصالات والانترنت سيرتفع إلى مستويات خطرة قد لا تقوى الوزارة على التعامل معها بعد الحرب.