الأزمات تتناسل من الليرة إلى المصارف… فالغذاء والدواء

ارتفع سعر صرف الدولار في السوق الموازية أمس الى نحو 107 آلاف ليرة، وبات واضحاً أن هناك مستويات مرتفعة إضافية سيبلغها الدولار إذا استمرّت الأوضاع السياسية والاقتصادية والمصرفية على ما هي، من دون أي تطوّر إيجابي يحدث خرقاً ما في أي من الملفات المعقّدة المطروحة. الى ذلك، تجدّدت دعوات لوضع حدّ للغلاء الذي يرافق ارتفاع الدولار عشية شهر رمضان، وتكرّرت أيضاً الدعوات لعودة البنوك عن إضرابها، مع صرخات هنا وهناك لا سيّما من شركات الدواء والمستلزمات الطبية التي تطالب مصرف لبنان بمبلغ 80 مليون دولار متراكم وغير مدفوع منذ فترة الدعم.

ورأى الوزير السابق رائد خوري، في بيان، أن «المسؤولية تقاس بمدى الصلاحيات التي تملكها الجهة، والأساس بطبيعة الحال هي الطبقة السياسية التي تتجسّد بمجلس النواب الذي أعطى الناس له الشرعية، والحكومات، ولكن هذا لا يعفي الأطراف الباقية كالقطاع الخاص الذي دخل الى هذا الموضوع بالعمق من خلال قروض مدعومة وإغراءات وفوائد».

واعتبر خوري أنه «كان يجب إقرار قانون الكابيتال كونترول منذ بداية الأزمة، ولم يتم القيام بأي شيء لحماية ودائع الناس».

وشرح أن «الفرق بين القطاعين العام والخاص كبير جداً في لبنان مقارنة بالخارج، فالقطاع الخاص أقوى بكثير، معتبراً أن»الطبقة السياسية لم تعتد العمل بالاقتصاد بل الانتفاع من القطاع الخاص».

وطالب «بخطة اقتصادية تشرّعها الدولة، بشرط عدم إلغائها لسنوات، وأن تكون جدية بهذا الموضوع، إضافة الى تطبيق الشراكة بين القطاعين الخاص والعام، ويمكن عندها الخروج من النفق، والنظام اللبناني غير قابل للحياة لأن دائماً هناك «فيتو» ومن جميع الأطراف».

وعن الدولار، أشار رائد خوري الى أن «ما من سقف لارتفاع سعر الصرف، خصوصاً مع غياب الثقة إضافة الى الطلب والعرض، والعاملان يصبان بمصلحة الدولار، وسيأتي اليوم الذي تصبح فيه الليرة من دون قيمة».

رفع الصوت قبل رمضان

وأصدر رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي بياناً أهاب فيه بجميع المسؤولين «إتخاذ مبادرات سريعة ووطنية لإنهاء الأزمة التي تتخبّط فيها البلاد، والذهاب سريعاً لانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة يأخذان على عاتقهما تنفيذ برنامج إنقاذي وإصلاحي شامل يعيد الإعتبار للدولة وللإقتصاد وللعملة الوطنية».

وقال: «قبل أسبوع من حلول شهر رمضان المبارك نرفع الصوت للعمل على وقف انهيار العملة الوطنية غير المسبوق الذي يطيح بكل قدرات اللبنانيين الشرائية»، محذراً من أن» إستمرار هذا الوضع سيصيب الأمن الغذائي للبنانيين من باب عدم قدرتهم على الحصول على إحتياجاتهم من الغذاء».

وختم بحصلي قائلاً: «عشية شهر رمضان المبارك نصلّي كي تدخل الرحمة الى قلوب كل المسؤولين لإنتاج حلول سريعة تنقذ البلد وتعيده الى سابق عهده وتهيئ ظروفاً ملائمة للصوم في شهر رمضان ولحياة مريحة للبنانيين».ضياع 80 مليوناً

على صعيد آخر، أبلغت نقابة مستوردي الأجهزة والمستلزمات الطبية من بعض الشركات المنتسبة إليها بأن المصارف التي تتعامل معها دعتهم الى استرداد الملفات التي أودعت لديها منذ ما يقارب الثمانية عشر شهراً بغية تحصيل قيمتها من المصرف المركزي والتي تشمل المستلزمات الطبية المدعومة والمستوردة والتي جرى بيعها للمستشفيات في حينه بسعر /1500/ل.ل. للدولار المدعوم والحائزة موافقة مصرف لبنان المسبقة.

وأشارت النقابة في بيان الى أنّ «مجموع قيمة هذه الملفات يتجاوز 80 مليون دولار أميركيّ، ما سوف يتسبب، في حال عدم تسديدها من قبل البنك المركزي، بإفلاس عدد لا يستهان به من الشركات والأخطر من ذلك، إيقاف الإستيراد وفقدان المستلزمات الطبية من المستشفيات ما يرتد سلباً على المريض الذي هو الطرف الأضعف في هذه القضية».

واعتبرت أنّ «فعل المسؤولين في مصرف لبنان هذا يشكّل ختاماً لمناوراتهم ولمناورات المركزي غير المدروسة والرامية إلى حمل الشركات على البيع بسعر /1500/ل.ل. للدولار والذي أوهموهم بموجبها وبموجب قرارات ومذكرات بأنه خاضع للدعم، في حين كانوا عازمين منذ البداية على عدم الدعم».

واستنكرت «أشد الاستنكار القرار الصادر عن مصرف لبنان، مؤكدة أنها سوف تتخذ جميع الإجراءات القانونية الرامية إلى حفظ حقوق أعضائها وتناشد المسؤولين في الدولة إيلاء هذا الموضوع الاهتمام اللازم لوقف الضرر وتصويب المسار حفاظاً على مصلحة المريض وديمومة عمل القطاع الذي جعل لبنان في الماضي مستشفى الشرق».

وجّه نقيب صيادلة لبنان جو سلوم في المؤتمر الصحافي لموظفي القطاع العام المنعقد في نقابة الصيادلة، دعوة الى كل القوى النقابية والشعبية «لإعلان الإضراب المفتوح والشامل حتى يتم انتخاب رئيس للجمهوريّة، والبدء بعملية الإنقاذ».

إضراب البنوك

وصدر عن «الكتلة الوطنية» بيان، أدانت فيه «بشكل واضح وصريح قرار الإضراب الذي اتخذته «جمعية المصارف» بتاريخ 14 آذار، وتعتبره سقوطاً أخلاقياً وقانونياً جديداً، في ظل تواطؤ الحكومة والمجلس النيابي معها».

أضاف البيان: «إن الإضراب المفتوح هو محاولة فاضحة وغير قانونية لوقف المسارات القضائية في لبنان والخارج لاسترجاع الودائع، في ظل عجز أو رفض معظم المصارف تسديد التزاماتها تجاه المودعين، وتهرّبها من أي إصلاح حقيقي يفضي إلى إعادة هيكلة القطاع المصرفي ووضع خطة ملزمة وعادلة لإعادة الودائع المشروعة إلى أصحابها».

وتابع: «إن الإضراب هو جريمة جديدة ومحاولة لابتزاز اللبنانيات واللبنانيين في كرامتهم لانتزاع قانون مسخ يدعى زوراً «كابيتال كونترول»، يؤمن للمصارف الغطاء القانوني للحجز على أموال الناس من دون التزامها بأي خطة إصلاحية.

فالصيغة المطروحة اليوم من قبل «جمعية المصارف» وحلفائها في لجنة المال والموازنة، أشبه بقانون «عفوٍ عام» عن الضرر الذي ألحقته المصارف و»مصرف لبنان» والدولة اللبنانية بالمودعين، ويضعها بمنأى عن أي شكل من أشكال المحاسبة».

وأردف البيان: «تتحمل اليوم المصارف بغالبيتها، مسؤولية انهيار الثقة المحلية والدولية الكامل بالقطاع المصرفي اللبناني، فهي أصبحت واجهة لخدمة بعض أصحابها ممن هرّبوا أموالهم إلى الخارج، وشبكة لتبييض أموال المافيا والميليشيا. أما الحديث عن «قدسية الودائع»، فمحاولة غدت مفضوحة من قبل زعماء السياسة وحاكمية «مصرف لبنان» وبعض المصرفيين لتخفيض حجم التزاماتهم المالية تجاه المودعين».

واذ أكد البيان تمسّك «الكتلة الوطنية»، بالاقتصاد الحر وحرصها على أهمية بناء قطاع مصرفي قوي على أسس سليمة»، دعت إلى «تجميد عمل «جمعية المصارف» نتيجة ممارساتها اللاقانونية، ونظراً إلى إضرارها المباشر بالمصلحة العامة والقطاع المصرفي والاقتصاد الوطني خلافاً للأهداف التي أنشئت من أجلها.

وتجدر الإشارة في هذا السياق، إلى أن وزير المالية الراحل بيار إده كان من مؤسسي «جمعية المصارف» في العام 1959، وساهم بشكل أساسي في صناعة سمعة القطاع المصرفي في لبنان حينها، بينما دمّرها من يشرف على القطاع اليوم».

كما دعا البيان الى «تجميد المجالس التنفيذية للمصارف المتخلفة عن دفع الودائع، واستبدالها بلجان ممثلة عن الدائنين، المساهمين والمودعين، عملاً بتوصيات «ائتلاف المحاسبة» الذي أعلن عنه في كانون الثاني 2023، والمكوّن من جمعيات من المجتمع المدني.

ودعا بيان الكتلة الوطنية الى: «إعلان إفلاس المصارف المتخلفة عن دفع التزاماتها المالية للمودعين، والحجز على أموال وممتلكات أصحابها عملاً بقانون النقد والتسليف، إستقالة حاكم «مصرف لبنان» الفورية ومحاسبته على تقصيره الإداري، وأي أعمال جرمية في حال تم إثباتها قضائياً على ضوء التهم الموجهة إليه والتي تشمل «تبييض الأموال»، «الاستيلاء على الأموال العامة» و»الإثراء غير المشروع»، مساعدة المصارف اللبنانية غير المتخلفة عن الدفع والمتميزة في مواقفها عن «جمعية المصارف»، لتشجيعها على الانخراط في الاقتصاد المحلي، لا سيّما من خلال إقرار قانون يتيح لها منح القروض وتحصيلها بالعملة الصعبة، تحفيز المصارف العربية والأجنبية على دخول السوق اللبنانية، في ظل عجز المصارف اللبنانية عن القيام بدورها الاقتصادي والمالي، الالتزام بالاتفاق المبدئي مع «صندوق النقد الدولي»، والذي يشمل الإصلاحات المالية الأساسية، على رأسها رفع السرية المصرفية، وخطة للتوازن المالي، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي المبنية على التدقيق في الحسابات المصرفية».

وختم البيان:»اليوم، غدت «جمعية المصارف» واجهة لشبكة مصالح المافيا والميليشيا، ولا بدّ من كسر من يتحكّم بقرارها».

مصدرنداء الوطن
المادة السابقة“النافعة” تستعدّ لفتح أبوابها… وهذه مطالب مستخدميها
المقالة القادمة“كريدي سويس” على طريق التعثر