الاحتياطي الالزامي يفتح المواجهة بين “المركزي” والمصارف؟

شكّل حديث رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب عن البطاقة التمويلية صدمة، خصوصاً لدى المختصين في الشؤون المالية، لا سيما في تأكيده على ضرورة ان يموّل المركزي البطاقة من الاحتياطي الالزامي وتبريره ذلك بتشبيه هذه المرحلة بالعام 2002 عندما انخفض الاحتياطي الالزامي الى أقل من مليار دولار، وقوله: كيف كان الأمر ممكناً في ذلك الوقت، واليوم في ظل الزلزال السياسي والمالي والاقتصادي والتسونامي الاجتماعي لا يمكن النزول إلى اقل من 15 مليار دولار لمساعدة المجتمع اللبناني في هذه المرحلة؟».

كلام دياب لم يلق ترحيباً في اوساط المطلعين والخبراء الاقتصاديين. وفي السياق، أسِفت مصادر مطلعة لأن معالجة القضايا المالية في البلاد تُدار من قبل هواة. واعتبرت، عبر «الجمهورية»، انّ جزءاً من حديث رئيس الحكومة الأخير صحيح والجزء الآخر لعين. في البداية، قال ان المصرف المركزي مفلس وقد صدق لأنه هو السبب وراء إفلاسه، وقال ان المصارف مفلسة وهنا أيضا صدق وهو تسبّب بذلك، وأخيراً صرّح ان الدولة ستستعمل ودائع الناس لتسديد ديونها وهنا أيضا صدق، إنما مع تغيير طفيف وهو انه سيستعمل هذه الأموال ليس لتسديد الدين إنما لتوزيعها كمساعدات للمودعين بينما ديون الدولة ستظل قائمة.

ورداً على تشبيه دياب الوضع اليوم بما كان عليه في العام 2002 قالت المصادر: في السابق كانت للمصارف أموالها الخاصة غير المرتبطة بأموال المركزي بينما اليوم أموال المصارف موضوعة في المصرف المركزي، واستعمال هذه الأموال سيدفع بالمصارف الى التحرك قانونياً لتحصيل حقها، فهذه الأموال المتبقية ليست وديعة إنما أمانة وضعتها المصارف في المركزي. وعليه، يتوجب على مصرف لبنان دفعها عند الاستحقاق، اما في حال تخلّف عن الدفع فنصبح امام حالة «التوقف عن الدفع» وعندها يصبح في إمكان المصارف ان تقيم دعاوى قضائية تطالب فيها البنك المركزي بأموالها ما سيؤدي الى افلاسه،

وأكدت المصادر انّ القرار اتخذ باستعمال الاحتياطي الالزامي والسير بهذه الخطوة سيفتح الباب امام سهولة تسييل الذهب في المرحلة المقبلة لاستخدامه للغرض نفسه، خصوصاً ان لا خطة إنقاذ ولا حوكمة. في السياق نفسه تساءل الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمود عبر «الجمهورية» عن الفارق بين الاحتياطي الالزامي والاحتياطي غير الالزامي؟ وقال: كلاهما أموال المودعين والفارق الوحيد بينهما يكمن في موعد الاستحقاق، فما سمّاه المصرف المركزي احتياطي هو في الحقيقة موجودات خارجية للبنك المركزي ويتوفر في مقابلها مطلوبات خارجية.

ورداً على سؤال عن تداعيات دفع المساعدات بالدولار، قال: ان رئيس الحكومة يخلط بين امرين، فالدعم لا يأتي من الاحتياطي الإلزامي او من البنك المركزي إنما من خزينة الدولة، لكن ما سيحصل اليوم ان المصرف المركزي وبطلب من الدولة سيدفع الأموال للبطاقة التمويلية بعملة الدولار ولأنّ الدولار الذي يملكه هو الاحتياطي الالزامي لذا الاتجاه نحو المَس به، موضحاً ان المركزي سيسجل هذه المبالغ كدين على الدولة التي ستسدده بالليرة اللبنانية وفق سعر صرف 1500 ليرة من خلال طبع العملة.

مصدرجريدة الجمهورية - إيفا أبي حيدر
المادة السابقةجمعية المصارف: البنوك ملتزمة بالقانون والودائع محفوظة
المقالة القادمةبين مصادر تمويل الدولة واحتياطي مصرف لبنان… هل دقّت ساعة “الدعم”؟