البنزين اللبناني إلى سوريا من جديد: هل ستعود الطوابير؟

ليس تفصيلاً أن تتوقف عمليات تهريب المحروقات أو تتراجع إلى حدودها الدنيا، بعد رفع سعر الدولار المخصص لاستيراد المحروقات في لبنان منذ أشهر قليلة. فالارتفاع الهائل الذي طرأ على أسعار المحروقات في لبنان جعل من تهريبها إلى سوريا وبيعها بأسعار مرتفعة، عملية بلا جدوى. أما اليوم، فثمة مستجدات قد تطيح بالجانب المجدي من عملية رفع أسعار المحروقات في لبنان، خصوصاً البنزين منها، ألا وهي مسألة التهريب إلى سوريا. والسبب أن تغييرات تحصل في الداخل السوري من شأنها أن تعيد واقع المحروقات في البلدين إلى ما كان عليه منذ أشهر، والقائم على التهريب بشكل أساسي، مع فارق جوهري هو عجز اللبنانيين عن التزود بحاجاتهم من المازوت والبنزين والغاز.

رفعت وزارة التجارة السورية سعر مبيع البنزين المدعوم (90 أوكتان) في سوريا، ابتداء من 12 كانون الأول، من نحو 750 ليرة سورية إلى 1100 ليرة لليتر الواحد، متضمناً عمولة أصحاب المحطات. ما يعني أن سعر صفيحة البنزين المدعوم في سوريا يبلغ 22000 ليرة سورية، أي نحو 6.2 دولارات، باعتبار متوسط سعر صرف الدولار في السوق السوداء السورية 3540 ليرة.

الارتفاع الجديد بسعر صفيحة البنزين السوري المدعوم، قد لا يغير شيئاً في ميزان أسعار البنزين في البلدين (لبنان وسوريا) ولا بمسألة التهريب عبر الحدود، لاسيما ان سعر صفيحة البنزين في لبنان (95 أوكتان) ارتفعت صباح اليوم بقيمة 10800 ليرة لبنانية، لتصبح 328800 ليرة لبنانية، أي نحو 11.5 دولار (باعتبار متوسط سعر صرف الدولار في السوق السوداء اللبنانية 27500 ليرة). لكن الأمر لا يُقاس بسعر صفيحة البنزين المدعوم في سوريا، لاسيما أن كميات البنزين المدعوم المخصص لكل شخص ضئيلة جداً، ولا تزيد عن 40 ليتراً شهرياً. ما يعني أن من الصعب على العائلات الاكتفاء باستهلاك البنزين المدعوم. وبالتالي، يلجأ المواطنون إلى التزود بالبنزين غير المدعوم. وهنا تكمن العلة.

فالبنزين السوري غير المدعوم خضع لارتفاعات 3 مرات خلال هذا العام، على غرار البنزين المدعوم، ووصل سعر الليتر الواحد من البنزين غير المدعوم في سوريا إلى 3000 ليرة سورية. ما يعني أن سعر الصفيحة (20 ليتراً) يصل بأحسن الأحوال إلى 60000 ليرة سورية أي 16.94 دولاراً أو ما يقارب 17 دولاراً. وبذلك يكون سعر صفيحة البنزين السوري قد فاق نظيره اللبناني بنحو 5.5 دولارات. فهل يستحق هذا الفارق عناء تهريب البنزين إلى سوريا؟ يقول مصدر مطلع في حديث إلى “المدن” إن الفارق المستجد بأسعار البنزين بين البلدين كافٍ جداً لإعادة فتح باب تهريب البنزين إلى سوريا. فالمبيع في الداخل السوري لا يقتصر على الأسعار المعلنة، بل يفوقها في ظل شح المادة وتقنين بيعها.

أمام عودة الحديث في كواليس تجار المحروقات عن تهريب البنزين إلى سوريا، لم تعد مستبعدة مسألة عودة طوابير السيارات أمام محطات المحروقات في لبنان. وهو مشهد رافق اللبنانيين لأشهر سابقة. أما عودة الطوابير المُحتملة في المرحلة المقبلة، فلن يكون سببها الإقبال الكثيف أو التخزين في المنازل والمؤسسات “إذ لم يعد بمقدور الشريحة الأكبر من اللبنانيين شراء البنزين كما في المرحلة السابقة، إلا للحاجات الضرورية. وهو ما يفسّر تراجع نسبة مبيعات البنزين منذ أكثر من شهر بما لا يقل عن 50 في المئة بالمقارنة مع المستويات السابقة”، على ما يقول المصدر. أما الطوابير المُحتمل عودتها فترتبط أسبابها بشح المادة في الأسواق اللبنانية وفق ما هو متوقع، مع تزايد الحديث عن استئناف تهريب البنزين إلى سوريا.

مصدرتامدن - عزة الحاج حسن
المادة السابقةجنون الدولار يعصف باللبنانيين: سياسة نقديّة متعمَّدة
المقالة القادمة“الإقصاء المالي”: اللبنانيّون يخرجون من النظام المصرفي