في كانون الأول الماضي بدأ التحقيق الجدي في قضية سرقة المازوت من منشآت النفط في طرابلس، حيث مضت قاضية التحقيق الأول في الشمال، سمرندا نصار، بعملها، بعد أن أحال المدعي العام المالي، القاضي علي إبراهيم، الملف إليها. فختمت مبنى المنشآت النفطية في طرابلس وخزاناتها بالشمع الأحمر إلى حين انتهاء التحقيق. وأصدرت أربع مذكرات توقيف وجاهية بحق أربعة لبنانيين مدعى عليهم بجرم سرقة كميات كبيرة من المازوت، هم رئيس لجنة إدارة منشآت النفط في طرابلس، هادي حسامي، وأخوان من آل غمراوي، هما مسؤول دائرة التخزين محمد غمراوي، والمسؤول في قسم الحراسة راشد غمراوي، وقريبهما من العائلة نفسها.
التوسع بالتحقيقات
توسعت القاضية نصار في تحقيقاتها لتطال شركات استيراد النفط، وشركات التوزيع، والمنشأة نفسها التي تتحمل مسؤولية التخزين، ثم في آذار من العام الجاري، وبعد العودة عن الاعتكاف القضائي، قررت القاضية سمرندا نصار إزالة الشمع الأحمر عن المنشآت التي بقيت تعاني من صعوبة استكمال العمل بها، فاستمر تحويل البواخر إلى “الزهراني”.
كذلك في تلك الفترة التي كان لا يزال فيها التحقيق مستمراً، أصدرت الهيئة الاتهامية في الشمال قراراً بترك هادي حسامي ومحمد غمراوي بكفالة بلغت 20 مليون ليرة فقط، واستمر توقيف راشد الذي أصدرت القاضية نصار قراراً بتركه بعد رفع الكفالة من 20 مليون إلى ملياري ليرة لبنانية.
رغم ترك الموقوفين، استمرت التحقيقات -وفق مصادر قضائية لـ”المدن”- حيث استكملت القاضية نصار التحقيقات مع موظفين جدد في شهر نيسان، كانت أغلب إفاداتهم تحاول إظهار السرقة وكأنها امراً طبيعياً يحصل بشكل شبه يومي من قبل أطراف من خارج المنشآت، وهو ما كان يجري فعلاً، وربما استخدم مطية لتنفيذ السرقة الكبرى التي تجاوزت 600 ألف ليتر من المازوت.
حسب المصادر القضائية ثبُت وجود الإهمال. وحسب المثل القائل “المال السايب بعلّم الناس الحرام”، كان مازوت المنشآت يُسرق من قبل عصابات تقوم بعمل ثقوب في الأنابيب بعد خروجها من منشآت طرابلس، حيث لا وجود للرقابة ولا المراقبة، لكن ذلك لم يكن يعني أن يتوقف التحقيق بالسرقة الكبيرة عبر لصقها بأطراف وعصابات من خارج منشآت النفط.
حملت هذه القضية الكثير من الأخذ والرد، فتارة يتم اتهام نصار بتسييس الملف، وطوراً تُطرح القضية من باب انتماءات الموظفين السياسية عند توقيف بعضهم عن العمل. وتُشير المصادر القضائية الى أن كل ذلك لم يعرقل التحقيق المستمر.
الإدعاء على أورور فغالي
تكشف المصادر، أن القاضية نصار ادعت الخميس الماضي على المديرة العامة السابقة للنفط والتي تشغل حالياً منصب مستشارة في وزارة الطاقة أورور فغالي، واستدعيت للاستجواب. كذلك ادعت على موظفين بمديرية النفط في بيروت، ليصبح عدد المدعى عليهم بجرائم هدر المال العام والتقصير، واستغلال الوظيفة العامة والإثراء غير المشروع، سبعة موظفين، من ضمنهم فغالي التي مُنعت من الحضور إلى وزارة الطاقة، كما أُوقف عملها الحالي، مثلها مثل بقية الموظفين المدعى عليهم.
تؤكد المصادر أن التحقيقات ستُتابع، حيث ستُستكمل مع الشركات المستوردة للنفط، وصولاً إلى جلاء كل تفاصيل هذه القضية، علماً أن الجلسة التي كانت محددة الثلاثاء لاستجواب فغالي وغيرها تأجّلت بسبب استمهال المحامين لتقديم الدفوع الشكلية.