التعميم الذي سرق الأضواء… والقلوب

لم يعد يشغل بال اللبنانيين اليوم في الداخل والخارج، رغم انقطاع الادوية والمحروقات وتخطّي سعر صرف الليرة الـ14 الفاً مقابل الدولار، سوى الـ 400 دولار FRESH الموعودين بها اواخر الشهر الحالي. حتّى انّ هذه «اللهوة» نجحت في إقناع أصحاب الملايين العالقة في المصارف اللبنانية، بأنّ أموالهم ستعود اليهم، وهم ينتظرون بشغف الحصول على 400 دولار شهرياً فقط من ثروتهم وجنى عمرهم كي يبلغوا هدف الـ 25 الف دولار في غضون 5 اعوام! هذا في حال قرّروا الاكتفاء بمصروف شهري يبلغ حوالى 10 ملايين ليرة فقط (400 دولار على سعر المنصّة = 4 ملايين و800 الف ليرة + 400 دولار على سعر السوق = 5 ملايين و600 الف ليرة)، لأنّ الاستفادة من التعميم 158 ستمنعهم من سحب أي مبالغ اضافية من حسابات مصرفية اخرى، سوى على سعر صرف الرسمي عند 1507 ليرات.

ورغم انّ العديد من الخبراء الماليين والمصرفيين لا يتوقعون استدامة هذا التعميم لاّسباب مختلفة متعلقة بإمكانية تعارضه مع قانون الكابيتال كونترول المُنتظر اقراره، أو بتعثر المصارف في تمويل كلفة تطبيقه، خصوصاً بعد صدور قانون الكابيتال كونترول، الذي سيلزمها بتسريح مبالغ اكبر من السيولة النقدية للمودعين، وأيضاً لأحكام قضائية قد يتعرّض لها على غرار التعميم 151.

اما في ما يتعلّق بآلية تطبيق التعميم 158، فقد اجتمعت جمعية المصارف استثنائياً امس الاول إثر صدور التعميم، للبحث في تفاصيل تطبيقه. مع العلم انّ الجمعية سبق وأبلغت حاكم مصرف لبنان وتمنّت عليه تمويل كلفة تطبيق هذا التعميم، والمقدّرة بحوالى مليار و400 الف دولار سنوياً، لأنّ معظم المصارف لا يملك الإمكانيات المالية لتمويله، وما زال غير ملتزم بقرار تكوين سيولة نقدية لدى البنوك المراسلة بنسبة 3 في المئة من حجم ودائعه. وبالتالي، بعد ان كان مصرف لبنان اعلن في بيان سابق انّ المصارف ملزمة تمويل التعميم 158 في العام الاول من السيولة المكوّنة في الخارج، وفي العام الثاني من اموالها التي سيحرّرها من الاحتياطي الالزامي، عبر خفض نسبة هذا الاحتياطي من 15 الى 14 في المئة، عاد وقرّر المركزي في التعميم 158 تمويل كلفة تسديد جزء من الودائع بالتوازي بينه وبين المصارف منذ الشهر الاول لتطبيقه. إلّا انّ جمعية المصارف، وبعد دراسة التعميم 158، عمّمت على المصارف امس الاول شرحاً مفصلّا حول كيفية تطبيقه وآلية تحديد المستفيدين منه، لكنّها في المقابل أبدت ملاحظات عدّة وطرحت أسئلة لم تجد لها أجوبة في نصّ التعميم، حيث من المفترض ان تحصل على توضيحات حولها من قِبل البنك المركزي قبل الموعد المحدّد للبدء في تطبيق التعميم.

 

مصدرجريدة الجمهورية - رنى سعرتي
المادة السابقةمسؤول خليجي: حجم التجارة البينية لدول مجلس التعاون لا يرتقي للتطلعات
المقالة القادمةانعكاس لثقة المستثمرين.. سلطنة عُمان تتلقى طلبا هائلا على الصكوك