“التكيّف السلبي” يقضّ مضاجع اللبنانيين

تُرك “حبل” الأزمة الاقتصادية مرخياً على “جرار” إهمال الحلول المنطقية فشلّع سقف الحماية الاجتماعية من فوق رؤوس اللبنانيين. ما لفت إليه البنك الدولي قبل عام من اليوم في تقرير مرصد الاقتصاد اللبناني لربيع 2021 في تقرير “لبنان يغرق”، من أن الاجماع السياسي في الدفاع عن نظام مفلس يهدد بانهيار وطني منهجي، بدأ يتحول إلى واقع أليم. فقد كشف مشروع “النهوض بالسياسة القائمة على الأدلة في إدارة الأزمات”، المنفذ من قبل خبراء الجامعة الأميركية في بيروت بقيادة الباحثة د. ليلى داغر والممول من “الوقف الوطني للديمقراطية”عن نتائج إجتماعية بالغة الخطورة، وتحول العائلات إلى “التكيّف السلبي”.

المسح الذي أجري من ضمن “المشروع” على 931 عائلة في 7 قطاعات مختلفة (الزراعة، البناء، التعليم، الصحة، التصنيع، البيع بالتجزئة والمطاعم) أظهر أولياً أن حوالى 30 في المئة من الذين شملهم المسح اضطروا إلى تقليل الأدوية الموصوفة أو حتى إيقافها كلياً. وتحول 85 في المئة إلى بدائل أقل ثمناً للمواد الغذائية الاساسية. فيما أعرب 73 في المئة عن رغبتهم في مغادرة البلد.

هذا غيض من فيض النتائج السلبية للأزمة التي ستبدأ بالظهور تباعاً. حيث ارتكز عمل الفريق على إنشاء بيانات قائمة على الأدلة حول تداعيات الأزمة، وتقييم الاستجابات الحكومية، مع التركيز على السياسات الاجتماعية واستراتيجية الحماية الاجتماعية. وتحديد مكان وكيفية التأثير الايجابي لمنظمات المجتمع المدني. وذلك من أجل نشر هذه النتائج وتعزيز الاستجابة لسياسات الحماية المجتمعية.

اللافت أن ما أظهره المشروع، كان قد نبه منه البنك الدولي مراراً وتكراراً في تقارير “مرصد الاقتصاد اللبناني”. والتي بدأت في “الكساد المتعمّد” في خريف 2020، ومن ثم “لبنان يغرق” في ربيع 2021، لتصل إلى “الإنكار الكبير” في تقرير خريف 2021. إلا أن السلطة ورغم ذلك، لم تقدم على إي إصلاح يذكر يخفف من معاناة المواطنين ويحمي ما تبقى من قدرتهم الشرائية. فاستمرت عوضاً عن ذلك بالخطط الهمايونية، سواء في تحديد الخسائر وكيفية توزيعها، أو في الكهرباء، ومعالجة الأزمة المصرفية… وانصرفت إلى تحاصص وتقاسم ما بقي من “جيفة” الوطن، متقصدةً بذلك تذويب الودائع المصرفية، وتمويل عجز الدولة بالتضخم، على حساب حماية المواطنين وتأمين أبسط احتياجاتهم.

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةهل يستعيد مرفأ بيروت عافيته ودوره المحوري في شرق المتوسط؟
المقالة القادمةالاستقرار المالي لا حماية المصارف