الثقة والدورة الإقتصادية طريق وحيد لاستعادة الأموال

كان اللبنانيون يضعون أموالهم في المصارف التجارية اللبنانية، منذ سنوات عديدة، وكانوا يكسبون منها فوائد مرتفعة، تفوق بكثير فوائد الأسواق المالية الإقليمية والدولية. سبب هذا المردود المرتفع كان يتعلق مباشرة بالمخاطر السيادية في لبنان. المعادلة الإقتصادية المعروفة والمنطقية هي أنه حيث ترتفع المخاطر، ترتفع الفوائد والمردود على الإستثمار. وهذه أيضاً معادلة أي استثمار إقتصادي ومالي. بمعنى آخر، إن زيادة الفوائد كانت متوازية مع زيادة المخاطر بهدف جذب الإستثمارات والأموال من الخارج، لتسديد الحاجات والمتطلبات من العملات الأجنبية، خصوصاً لتسديد العجز المتراكم من سنة إلى أخرى.

اليوم، من الواضح، أن علينا جميعاً أن نتقبّل هذا الواقع والحقيقة المُرة، بأن هذه الأموال والودائع، صُرفت وهُدرت وسُرقت، من قبل الدولة اللبنانية، فيما ما تبقّى من هذه الأموال هو فقط الإحتياطي المركزي، الذي هو ملك الشعب اللبناني، حيث يعمل السياسيون ليلاً ونهاراً على المتاجرة به، واستعماله لتكملة الدعم الوهمي على حساب اللبنانيين، بهدف تأجيل الإنفجار الإجتماعي الكبير مرة أخرى حيث سيُصرف ما تبقّى من هذه الأموال، ولن يبقى سنت واحد لا للدعم ولا للودائع.

في الوقت عينه، المبادرات المالية والنقدية مثل الدولار الطالبي، أو الوعود باسترداد مبلغ الـ 25 الف دولار بحسب سعر السوق السوداء، هي أيضاً مبادرات تُشبه «حقن المورفين» لتخفيف الأوجاع، لكن لن تزيل المرض ولن تحل المشكلة المزمنة.

في الحقيقة، الحل الوحيد لإعادة أموال اللبنانيين، هو أولاً استعادة الثقة بلبنان واقتصاده. وفي الوقت عينه، إعادة الدورة الإقتصادية إلى طبيعتها المعهودة، التي تتعلق بالقطاعات المنتجة المالية والنقدية والصناعية والزراعية والتجارية والسياحية والخدماتية، والتي هي تستطيع استقطاب العملات المهمة في البلاد. ما يُعيد أموال المودعين هو فقط عودة لبنان إلى الخارطة الإقتصادية الإقليمية والعالمية، وإعادة ثقة الشعب اللبناني، والمغتربين والدول المانحة.

 

مصدرجريدة الجمهورية - د. فؤاد زمكحل
المادة السابقةهل يُدرك سلامة حجم الورطة التي تنتظرهُ؟
المقالة القادمةالعالم يتجه للطاقة المتجددة… واستهلاك الفحم لم ينحسر