الحكومة “تخفّض” حجم الخسائر و”ترفع” الكلفة على المواطنين

ما لم يفصح عنه رئيس الحكومة حول حجم الخسائر في خطة التعافي الجديدة من المجلس الاقتصادي والاجتماعي مطلع هذا الشهر، فضحه على العلن وزير الاقتصاد أمين سلام في مقابلة تلفزيونية. حيث أشار إلى أن “الفجوة المالية هي اليوم بحدود 55 مليار دولار، مع هامش قد يكون أقل أو أكثر بقليل”.

ما يقصد بالخسائر هو: كلفة إعادة هيكلة ديون الحكومة. الخسائر المتراكمة في مصرف لبنان. خسائر المصارف التجارية المتعلقة بالقروض المتعثرة، والخسائر الصافية في موازنة المصرف المركزي. وبحسب الدراسة السابقة فان الخسائر في ميزانيات مصرف لبنان والمصارف ستتجلى على الشكل التالي: 64 مليار دولار من مجموع الخسائر في ميزانية مصرف لبنان و18.2 مليار دولار من مجموع الخسائر المباشرة في ميزانيات المصارف.

بعد نحو عام ونصف على خطة التعافي المالي يظهر أن”صافي الخسائر في النظام المالي المقدر سابقاً بـ 44 مليار دولار بعد حسم رساميل المصارف بـ 20.5 مليار دولار ارتفع ولم ينخفض”، بحسب الخبير المصرفي د. نيكولا شيخاني، “فمقابل تسديد جزء غير قليل من الديون المصرفية من قبل القطاع الخاص في الفترة الماضية، فان مديونية الدولة وعجز مصرف لبنان قد ارتفعا”. هذا من ناحية، أما من ناحية ثانية فان سعر صرف العملة الوطنية انخفض من حدود 3500 ليرة إلى 23500 ليرة اليوم. ومن هنا يصبح السؤال الأساسي بحسب شيخاني “ما هو سعر الصرف الذي اعتمدته الخطة الجديدة للوصول إلى رقم خسائر بقيمة 55 مليار دولار”. فاذا كان سعر الصرف المعتمد 3500 يكون الرقم منطقياً، أما اذا كان الرقم أعلى ولنفترض مثلا أنه 12 ألف ليرة أو أي رقم يتراوح بين 3500 و16 ألف ليرة، فان الديون باللولار أو الليرة تنخفض في حين ان احتساب الديون بالدولار النقدي “فريش” ترتفع.

الخبير المصرفي إياد بستاني يعتبر أن الانخفاض في تقدير الخسائر يعود إلى استمرار تدهور الليرة منذ ما يقارب السنة ونصف السنة. وهذا الفرق تحمّله المواطنون والمودعون من خلال “الهيركات” على السحوبات والتضخم. فالهدف المنشود من قبل المنظومة (السلطة السياسية مصرف لبنان والمصارف التجارية) هو تمرير الخسائر للمواطنين والتهرب من تحمل المسؤولية على قاعدة Privatizing profits and socializing losses أي أخذ الأرباح وتقاسم الخسائر. وبرأي بستاني فانه كلما طالت الأزمة كلما انخفضت الخسائر على المنظومة.

محاولات التهرب من تحمل الخسائر التي يقودها مصرف لبنان والمصارف يؤكدها ما رشح عن شركة التدقيق الجنائي ألفاريز آند مارشال نيتها بالانسحاب من عقد التدقيق بسبب تملص مصرف لبنان من مدها بالداتا المطلوبة. فاحد أهم شروط التعافي المطلوبة من الجهات الدولية هو التدقيق في عمليات مصرف لبنان وتحديداً للسنوات التي أعقبت العام 2016 لتقييم انكشاف المصارف على المركزي. وبالتالي الخروج بالرقم الحقيقي للخسائر الذي يجب على القطاع المصرفي تحمله بدلاً من نقله إلى المودعين أو حتى الدولة.

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةارتفاع أسعار الاستهلاك
المقالة القادمةالهيئة الناظمة للاتصالات… تسبق هيئة الكهرباء؟