أصدر وزير العدل ألبرت سرحان، نهاية الشهر الماضي، قراراً بإلحاق مساعدين قضائيين باللجان الناظرة في تطبيق الأحكام المتعلّقة بتطبيق الزيادات على بدلات الإيجار، وفق ما يقتضيه قانون الإيجارات الجديد. هذا الإجراء يعني، عملياً، أنّ القانون بات يُطبّق على جميع المُستأجرين الذين لا يستفيدون من الصندوق، فيما يجب على من يستفيدون منه المباشرة بتقديم طلباتهم خلال شهرين حماية لحقوقهم، في وقت لا يزال الجدل دائراً حول التاريخ الذي يفترض ان تبدأ مهل القانون منه
قانون الإيجارات الجديد بات يُطبّق على المُستأجرين غير المُستفيدين من صندوق المساعدات. أمّا أولئك الذين يستفيدون منه، جزئياً أو كلياً، فعليهم أن يتقدّموا خلال شهرين بطلبات الاستفادة من الصندوق حمايةً لحقوقهم، إذ إنّ إجراءات تأليف اللجان المُكلّفة النظر في تطبيق الأحكام المتعلّقة بالزيادات على بدلات الإيجارات اكتملت، بعدما أصدر وزير العدل ألبرت سرحان في 28 آب الماضي القرار الرقم 1912 المتعلّق بـ«إلحاق مُساعدين قضائيين باللجان الناظرة في تطبيق الأحكام المتعلّقة بتطبيق الزيادات على بدلات الإيجار» .
وسبق قرار سرحان صدور المرسوم 4773 في الجريدة الرسمية (عدد 27 تاريخ 23/5/2019) الذي قضى بتشكيل 24 لجنة موزعة على المحافظات مهمتها بتّ الخلافات التي تنشب بين المُستأجرين القدامى ومالكي البيوت المؤجرة القديمة، حول تخمين المأجور وبدل المثل وتحديد الزيادات (يتم تحديد الزيادات تبعاً لبدل المثل الذي يحدده القانون الجديد بـ4% من القيمة البيعية للمأجور).
وينقص هذه الإجراءات كي يدخل القانون مرحلة التطبيق الكلي، إنشاء صندوق المُساعدات المُخصّص للمستأجرين الفقراء، إذ قضت المادة 58 من قانون الإيجارات 2/2017 بتعليق القانون وعدم تطبيقه على الفئات التي تستفيد من مُساعدات الصندوق إلى حين إنشائه.
ويستفيد من الصندوق كلياً (أي تتكفّل الدولة بدفع بدلات الزيادة طوال فترة تمديد عقد الإيجار المحددة بـ12 عاماً بشكل كلي)، المستأجر الذي لا يتخطّى مجموع دخله ودخل من معه في البيت ثلاثة أضعاف الحد الأدنى للأجور (أي مليونين و25 ألف ليرة). ويستفيد منه جزئياً (تتكفّل الدولة بدفع جزء من البدلات)، المستأجر الذي لا يتخطّى مجموع مدخوله ومدخول من معه خمسة أضعاف الحدّ الأدنى للأجور (أي 3 ملايين و375 ألف ليرة).
المستشارة القانونية للجنة الأهلية للمستأجرين، المحامية مايا جعارة، أوضحت في اتصال مع «الأخبار» أن على المُستأجر الذي يستفيد من الصندوق، والذي تمّ تحديد بدل مثله رضاءً أو قضاءً، أن يتقدمّ بطلب لحفظ حقّه بالاستفادة في مهلة شهرين من تاريخ بدء تلقّي اللجان طلبات الاستفادة، وذلك لحفظ حقوقه (نصت المادة 8 على سقوط حق المستأجر في الاستفادة في حال لم يلتزم بالمهل). أمّا المُستندات الواجب إبرازها في طلب الاستفادة فهي، وفق جعارة، التالية: جدول بأسماء أعضاء الفريق المستفيد، أي الأفراد المقيمين في المأجور. إفادة عمل صادرة عن المرجع الصالح إذا كان أجيراً أو عاملاً أو موظّفاً، وتصريح شخصي بالدخل إذا كان يعمل على حسابه الخاص.
رئيس نقابة مالكي الأبنية المؤجرة باتريك رزق الله رحّب بقرار وزير العدل الذي «يأتي التزاماً بنيّة المشترع تطبيق القانون لإنصاف المالكين ومُساعدة فقراء المُستأجرين»، لافتاً الى أن الدولة رصدت 200 مليار ليرة لتمويل الصندوق في موازنات 2017 و2018 و2019.
خلاف على المهل
في سياق آخر، يبرز خلاف جديد بين المُستأجرين القدامى والمالكين حول المهل الواجب اعتمادها. فقد صدر قانون الإيجارات أول مرة في 26 حزيران 2014، وأصبح نافذاً بتاريخ 28/12/2014. إلّا أنّ مجلس النواب عاد وأقرّ قانوناً آخر معدّلاً في 19 كانون الثاني 2017 أصبح نافذاً بتاريخ 28/2/2017.
وبما أن قانون الإيجارات، بنسختيه، نصّ على تمديد عقود الإيجار لمدة 12 عاماً، على أن يتم رفع البدلات تدريجياً خلال السنوات الى حين تحرير عقود الإيجارات القديمة، فإن النقاش يدور حول تحديد تاريخ بدء «مهلة» التمديد، إذ يرى المُستأجرون القدامى أن مهل التمديد تبدأ منذ عام 2017، أي إنه يتم احتساب الـ12 عاماً، وبالتالي يكون قد انقضى ثلاثة أعوام وبقيت تسعة أعوام لتحرير العقود، فيما يتمسّك بعض المالكين ببدء المهل منذ عام 2014، وبالتالي انقضت خمس سنوات من الـ12 عاماً، ويتبقى سبعة أعوام لتحرير العقود.
رزق الله قال إنّ النقابة غير متمسّكة بمهلة الـ2014، «لكنّنا نحتكم إلى القضاء ولدينا الكثير من القرارات القضائية التي تعتمد عام 2014 كبداية لتنفيذ القانون واحتساب سنوات التمديد».
نقابة مالكي الأبنية المؤجرة غير متمسكة ببدء الكهل ابتداء من سنة 2014
من جهتهم، يطرح المُستأجرون القُدامى مخاوفهم من «التلاعب» بالمهل. فإلى جانب «خطر» اعتماد مهلة الـ2014، وبالتالي مواجهتهم استحقاق تحرير العقود بعد سبعة أعوام، «هناك مسألة حرمان المُستأجرين من تعويضاتهم»، بحسب رئيس تجمّع المحامين للطعن وتعديل قانون الإيجارات، المحامي أديب زخور.
كيف؟ يعترف القانون للمستأجر الذي يستفيد من الصندوق بخيار ترك مأجوره مقابل حصوله على تعويض هو عبارة عنبدلات الإيجارات التي كانت الدولة ستدفعها عنه في ما لو بقي في بيته لمدة 12 عاماً. «وفي حال تم اعتماد تاريخ عام 2014، فإنّ المستأجر سيكون قد حرم ثلاث سنوات من التعويضات وحرم من خيار ترك المأجور»، لافتاً الى أن التجمّع دعا إلى اعتصام اليوم وغداً أمام وزارة العدل للمطالبة بمعالجة الإشكاليات التي ترافق تنفيذ القانون من خلال تعديلات تُقرّ في مجلس النواب.
كلام زخور يتّسق ودعوة جعارة الى وضع اقتراح القانون التعديلي المتضمن سدّاً للثغرات وإعادة بعض التوازن للقانون ليصبح أكثر عدالة، مُشيرةً إلى وجود أحكام قضائية تنص على وجود قانونين، وجاء في الأحكام حرفياً: «(…) لا سيّما في ظلّ التغييرات المهمّة التي أحدثها قانون 2017، والتي تنفي عنه صفة القانون التعديلي، فضلاً عن أن القانون نفسه نصّ على نفاذه من تاريخ نشره في المادة 60، كما تضمن في نصوصه الداخلية على بدء تنفيذ أحكامه من تاريخ نفاذه، أي 28/2/2017». لذلك «نحن أمام إعادة احتساب المهل».