الدولار راجع .. ولكن!

خبرٌ أحدث صدمة لدى اللبنانيين عمومًا، والمصرفيين خصوصًا، كما أحدث تشكيكًا لدى معظم الخبراء والمراقبين الماليين والاقتصاديين.

إذ إنها المرة الأولى منذ تاريخ 17 تشرين 2019 يسمع فيها اللبنانيون عبارة “سداد ودائعهم”. فبعد النكسة المالية التي أصابت المصارف منذ أواخر الـ 2019، فقد اللبنانيون ثقتهم بالقطاع المصرفي، لعدم قدرتهم على سحب ودائعهم بالعملات الأجنبية، وفي بعض الأحيان بالليرة اللبنانية. وعدم قدرة البعض الآخر إجراء تحويلات إلى أبنائهم الموجودين خارج البلاد. كذلك الأمر فقدوا ثقتهم بالوعود التي سبق وتحدث عنها الحاكم في ما خصّ المحافظة على ودائعهم، بعد مشاهد الذلّ التي عاشوها ولا يزالون أمام أبواب المصارف، والطوابير التي وقفوا فيها لساعات وساعات، علهم يستطيعوا سحب ولو جزء بسيط من شقى عمرهم.

لذلك أحدث بيان الحاكم صدمة لدى هذه الفئة من الناس، خصوصًا لناحية عبارة “إراحة اللبنانيين”، مع العلم أن مصرف لبنان، سبق وَحَذَّرَ المعنيين أنه لم يعد يملك من العُملات الأجنبية ما يسمح باستمرار دعمه للمواد الأساسية التي يحتاجها المواطن في حياته اليومية. فمن أين سيأتي بالأموال لتسديد ودائع الناس؟

بكل الأحوال، سيقوم مصرف لبنان بعملية تفاوض مع جمعية المصارف كممثلة للمصارف التجارية في لبنان حول هذا الموضوع، خصوصًا وأن سلامة حدد موعد نهاية حزيران المقبل للبدء بعمليات الدفع التدريجي للودائع التي كانت قائمة قبل 17 تشرين الأول 2019 وكما أصبحت في 31 آذار 2021، وذلك بالعملات كافة.

معظم الخبراء الاقتصاديين شككوا ببيان الحاكم خصوصًا لناحية توقيته، واعتبروا أن هناك قطبة مخفية وراء هذه الخطوة. فمن غير المنطقي بحسب رأيهم أن يلجأ المصرف المركزي إلى ضخ عملة صعبة في الوقت الذي يعيش فيه لبنان أسوأ أزمة اقتصادية، مالية ونقدية مصحوبة بانهيار الليرة. أما البعض الآخر، فاعتبر أن الحاكم أراد توجيه رسالة إلى الحكومة والقوى السياسية التي تضغط لتمويل البطاقة التمويلية من أموال الاحتياطي الإلزامي، فرمى بوجهها البيان.

من المتوقع أن يحصل أصحاب الودائع التي تصل قيمتها إلى الـ 50 ألف دولار على حوالي 25 ألف دولار كحد أقصى، على أن يتم تحديد قيمة الدفعات تبعًا للمبلغ الموجود في حساب المودع. هذه المبالغ سيتم دفعها بالتقسيط خلال 3 سنوات وقد تمتد إلى 4 سنوات بمعدل حوالي 170 دولارًا أُسْبُوعِيًّا.

لا شك بأن خطوة كهذه قد تفتح نافذة أمل لدى البعض لاستعادة جزءًا بسيطًا من ودائعهم العالقة منذ 17 تشرين الأول 2019، لكنها بالطبع لن تعيد الثقة إلى هذا القطاع في ظلّ الضبابية التي يعمل بها، وفي ظلّ غياب أي رؤية واضحة من قبل السلطة السياسية لوقف النزيف الحاصل في القطاعات كافة.

مصدرالنشرة - ربيع ياسين
المادة السابقةباخرتا الطاقة براء من “تهمة” النور… وغيابهما خير من وجودهما
المقالة القادمةروسيا تخطط للإستحواذ على خمس سوق الهيدروجين العالمي