الزبائن حائرون: لا بنزين ولا ديليفيري

انتشرت أخيراً خدمة التوصيل المجانيّ أو مقابل بدل مادي. خدمةٌ وجد فيها كثرٌ سبيلاً لتوفير الوقت والجهد للحصول على حاجاتهم، من طعام إلى ألبسة وهدايا. وقد تعزّزت الخدمة مع الإقفال العام المتكرّر، بسبب انتشار جائحة «كورونا» وما رافقها من إجبار المطاعم و المحال على عدم استقبال زبائن في صالاتهم. لكن ما لم يحسبه اللبنانيون، هو أن تلك الخدمة الهادفة إلى تسهيل حياتهم، صارت تحتاج لمن يلبّي خدمة توفير البنزين والمازوت بأسعارٍ مقبولة.

بمعنى آخر، يواجه القطاع الذي وفّر فرص عملٍ كثيرة، تحديّات للصمود. ففي ظلّ الارتفاع الكبير لأسعار المحروقات، ارتفعت كلفة التوصيل. وبعدما كانت الكلفة لا تتخطى الـ10 آلاف ليرة كحدّ أقصى، خارج بيروت وضواحيها، ارتفع سعر التوصيل ثلاثة أضعاف على أقلّ تقدير، ليتراوح بين الـ30 والـ40 ألف ليرة لبنانية. فيما انقطع آخرون عن العمل، أو قلّلوا من تسيير دوريّاتهم بعدما حصروا نطاقها الجغرافي. وقد أثّر ارتفاع الكلفة سلباً على المتاجر التي تعتمد على البيع الإلكتروني، وتوصيل البضاعة.

تقرأ ريتا اسطفان، التي تدير متجراً عبر منصّة خاصة بها على صفحات التواصل الاجتماعي، أنّ «البزنس» الإلكتروني مهدّد، مشيرةً إلى أنه: «منذ بدء رفع الدعم جزئياً عن مادة البنزين، ارتفعت كلفة التوصيل على الزبون بنسبة كانت تعدّ مقبولة. ومع ذلك، انخفضت نسبة المبيع. وأتوقّع أن تنخفض أكثر بعد الارتفاع الكبير بكلفة التوصيل. فمن غير المعقول أن يشتري الزبون بقيمة 50 ألف ليرة، ويتكبّد خدمة توصيل غرضه 35 ألف ليرة!».

وتروي ريتا للـ«الأخبار»، أن «شركات خدمة التوصيل لم تكن تعمل بمعظمها في الفترة الأخيرة، بسبب انقطاع البنزين، في ظل تضارب لتحديد التسعيرة التي سيعتمدونها في حال رفع الدعم». وتتابع: «واجهنا مشاكل عدة مع الزبائن، الذين لم يتلقّوا طلباتهم في الوقت المحدد، ومشاكل مع شركات التوصيل حول التسعيرة، والوقت الطويل التي كانت تستغرقه لتوصيل البضائع». وبالنسبة لعمال «الديليفيري»، الذين اتخذوا منه عملاً مؤقتاً على دراجة نارية أو سيارة صغيرة، وهم بمعظهم من طبقة اجتماعية فقيرة، فالمعاناة أكبر، إذ أصبحوا يواجهون مجدداً خطر البطالة.

في السياق، يستعرض محمد، أحد عمال التوصيل، لـ«الأخبار»، معاناته لتأمين البنزين، رأسماله الذي يعتمد عليه لتحصيل رزقه، قائلاً: “كنت أنتظر في الطابور نهار عمل كامل، من دون أن أتمكن من تعبئة البنزين أحياناً. وقد أثّر هذا على سرعة توصيلنا للطلبات، وعلى مصداقيتنا مع الشركات والزبون».

ويتفهّم بعض الزبائن أسباب ارتفاع كلفة التوصيل، كما ارتفاع سعر المنتجات. ريما مثلاً، اعتمدت في السنوات الأخيرة بشكل أساسيّ على المنصّات الإلكترونية لشراء حاجاتها على أنواعها. غير أنها تؤكد: «عندما كنا نتسوّق بكثرة عبر الأونلاين، كانت كلفة التوصيل أقل بكثير من كلفة الذهاب بأنفسنا إلى الأسواق والمجمّعات التجارية. لكن بعد ارتفاع كلفة التوصيل، وفي حال ارتفاع سعر المحروقات، ربما تصبح الكلفة متقاربة بين النزول إلى الأسواق والمجمّعات التجارية، والتسوق عن بعد».

وبعد ارتفاع كلفة خدمة التوصيل، عرضت غالبية المتاجر خدمة الـ«pick up service»، أو أن يحصل الزبون على مشترياته من مقرّ الموقع الإكتروني، لعدم تكبيده مبالغ إضافية، ما يعني تعطّل عمل الكثير من عمال التوصيل.

مصدرجريدة الأخبار - ليا سعد
المادة السابقة«سيتي كومبلكس» على طريق الإغلاق… «فتّش عن المازوت»
المقالة القادمةالتحويلات… في “معصرة” المصرف المركزي!