نجح غسان فلوطي في تحويل مصنعه في منطقة المكلس -قضاء المتن- إلى نظام التشغيل بالطاقة الشمسية، بعدما خسر جزءاً كبيراً من قدرة المصنع التشغيلية نتيجة غياب التيار الكهربائي، وصرف جزء من موظفيه. يملك فلوطي مصنعاً للمواد الكيميائية. تراجعت قدرة المصنع التشغيلية الصيف الماضي بعد اختفاء مادة المازوت، ما دفعه للتفكير جدياً في الحصول على الطاقة البديلة. يقول لـ”المدن” لم يكن الخيار سهلاً، في ظل ارتفاع أسعار الألواح الشمسية، والمعدات الأخرى، سواء البطاريات أو المحولات، إذ تصل تكاليف تغطية المصنع بالطاقة الشمسية ما يقارب من 25 ألف دولار، وهو رقم مرتفع بالنسبة إلى الصناعيين في هذه المرحلة”. أصر فلوطي على تركيب الطاقة الشمسية حتى يتمكن من الاستمرار في عمله.
إقبال متنوع
لم يعد خيار الطاقة البديلة محصوراً بالنسبة إلى أصحاب الشقق السكنية وحسب، إذ يأخذ هذا الاتجاه مساراً تصاعدياً لدى أصحاب المؤسسات والمعامل الصغيرة نسبياً.
تقول كارول صقر المديرة التنفيذية لشركة “صقر” الخاصة بالطاقة البديلة لـ”المدن”: ارتفع الطلب في الشركة منذ مطلع العام الحالي، وكان لافتاً إقبال المؤسسات والشركات الصغيرة نسبياً على الطاقة البديلة، إذ اضطرت الى توظيف أكثر من فريق بهدف تلبية الطلب.
تعزو صقر الإقبال على الطاقة البديلة، وتحديداً من قبل الشركات والمصانع الصغيرة بنسبة أكبر من الشركات الكبرى، كالمستشفيات أو المعامل، إلى التكلفة المقبولة نسبياً. وتشرح”يتطلب تحويل شركة متوسطة أو صغيرة نسبياً للاعتماد على الطاقة الشمسية، تركيب ما لا يقل عن 10 إلى 18 لوحاً شمسياً ومحوّل وبطارية وأسلاك توصيل. ويقوم النظام بتحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربائية تشغل مختلف الأجهزة والمعدات”.
تختلف تكلفة تحويل الشركة أو المصنع للاعتماد الكلي على الطاقة الشمسية باختلاف حجم وعدد ونوع الألواح المستخدمة. تبدأ التكلفة بشكل عام من 8000 دولار، في حال كانت الشركة تحتاج إلى إضاءة وتشغيل بعض أجهزة الكومبيوتر، فيما ترتفع التكلفة في حال وجود ماكينات أو معدات صناعية، وتصل إلى ما يقارب 40 أو 50 ألف دولار.
مشاريع طويلة الأمد
نجحت بعض البلدات اللبنانية في الاعتماد على الطاقة البديلة، لتسهيل شؤون السكان. ففي منطقة المروانية جنوب لبنان، مثلا، بدأ التجهيز لبناء مشروع يهدف إلى تشغيل محطات ضخ المياه بالطاقة الشمسية، بعدما عانى السكان من انقطاع المياه الفترة الماضية بسبب عزوف أصحاب المولدات عن شراء مادة المازوت لتشغيل المولدات.
وتعتمد بعض القرى على الطاقة البديلة لتنفيذ مشاريع تنموية، إذ تتشارك البلديات مع بعض رجال الأعمال لتحسين الخدمات العامة في القرى، وهو ما يفتح المجال واسعاً أمام إمكانية الاستغناء نهائياً عن كهرباء الدولة، وحتى المولدات.
هذه المشاريع لا تزال فردية إلى حد كبير، إذ لم تصل المؤسسات الكبرى، أو المستشفيات عملياً إلى إمكانية الاعتماد بشكل كبير على الطاقة البديلة. تؤكد صقر أن “المستشفيات تحديداً تحتاج إلى مبالغ طائلة للانتقال نحو الطاقة البديلة”. تعطي مثالاً بسيطاً على ذلك، وتقول” تحتاج المستشفيات المتخصصة، مثل الولادة والأمومة، والتي تكون بطاقة استيعابية تصل إلى نحو 120 سريراً، لتركيب ما لا يقل عن 1000 لوح شمسي، ناهيك عن البطاريات والمحولات، حتى تتمكن من إنتاج نحو 300 كيلوواط في الساعة، حتى تستطيع تشغيل غرفتي عمليات، و تجهيز الغرف. بحسبة بسيطة، تصل تكاليف تجهيز هذا المستشفى الى أكثر من 100 الف دولار، وطبعاً يعد هذا الرقم مرتفعاً في الظروف الاقتصادية الحالية، لذا لم يتجه القطاع الطبي عملياً الى هذا الخيار رغم حاجته و فائدته الطويلة الأمد.
مشاريع طاقة للمدارس
على عكس المستشفيات، بدأت بعض المدارس اللبنانية التجهيز لتركيب ألواح الطاقة الشمسية، وذلك بالاعتماد على هبات مقدمة من فرنسا. بحسب تقارير من وزارة الطاقة، فقد أبدى مسؤولون من “المؤسسة الوطنية الفرنسية للطاقة الشمسية (INES)” ومنظمة “طاقة للعالم”(Energie pour le Monde) خلال زيارة لهم إلى لبنان مطلع العام الحالي، رغبتهم بتجيهز نحو 12 مدرسة بالطاقة الشمسية، كخطة أولية.
تتجه مؤسسات عديدة في لبنان للاستفادة من الطاقة البديلة، والابتعاد تدريجياً عن الوعود التي يطلقها المسؤولون لتأمين الكهرباء، والتي لا يتم تنفيذها مطلقاً.