بعد المعلومات المتداولة أنّ نتائج الحفر في البلوك رقم 9 في حقل قانا، لم تصل إلى نتائج إيجابية، ما أوحى بعدم وجود غاز في هذا البلوك، تحركت كل الجهات المعنية للإستفسار والإستيضاح، ومنها لجنة الأشغال والطاقة والمياه والنقل البرلمانية التي خصصت جلستها أمس لهذا الموضوع.
وبينما تحدثت المعلومات عن أنّ ما سُرّب له علاقة بالحرب الدائرة في غزة والتوترات القائمة على الحدود الجنوبية، وهو من باب الضغط على لبنان كي لا يتدخل في المواجهة القائمة في فلسطين، علمت «نداء الوطن» أنّ بعض العاملين على متن منصة الحفر، الذين يُمنع عليهم التواصل حتى مع عائلاتهم منذ بدأت عمليات الحفر، أُعطوا إجازات من دون سابق إنذار أو مقدمات أو حتى تبرير لتوقف العمل منذ أيام.
وتضيف المعلومات أنّ «كلفة الحفر الذي دام نحو شهرين ووصل إلى عمق أكثرمن 3000 متر، بلغت حوالى 130 مليون دولار، وأنّ هناك تساؤلات بلا أجوبة عن أسباب قرار وقف العمل على المنصة والجهة التي اتخذت القرار».
وفي انتظار نتائج التقرير الفني لشركة «توتال» وتحليلها، والعودة للإجابة عن الأسئلة التي طرحها النواب، هناك ما يُشبه التقاطع على وجود ضغوط وحيثيات خفية تُحيط هذا الملف، ومنها مثلاً: هل يتم الإكتفاء بما تمّ حفره حتى الآن، كما حصل في البلوك رقم 4؟ أم تختار مواقع ومربعات جديدة في البلوك رقم 9، كما حصل في كاريش، على سبيل المثال، عندما جرى الحفر هناك؟
ومن علامات الإستفهام أنّ شركة «توتال» أقامت منذ فترة ليست بعيدة ورشة عمل حول الخريطة الإستثمارية لها في المستقبل، وعرضت فيها كل المشاريع التي تعمل عليها في أماكن مختلفة من العالم باستثناء لبنان، الذي لم تأتِ على ذكره، وفق بعض المتابعين.
وكانت لجنة الأشغال عقدت أمس جلسة في المجلس النيابي برئاسة النائب سجيع عطية، وفي حضور وزيري الطاقة والأشغال في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض وعلي حمية، والنواب الأعضاء ورئيس هيئة إدارة قطاع البترول بالتكليف غابي دعبول وعضو الهيئة وسام الذهبي.
وتبيّن وفق المعطيات أنّ النواب استفاضوا في الأسئلة التي وجّهوها إلى وزير الطاقة والهيئة، ومعظمها ذات طابع تقني تتصل بنتائج الاستكشاف ومصير البلوك رقم 9، فيما بادر نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب إلى التوضيح أنّ اتفاقية ترسيم الحدود لا تشوبها أي شائبة، كما أكد وزير الطاقة أنّ اتفاق الاستكشاف سليم. غير أنّ آراء النواب توزعت بين من اعتبر أنّ توقف العمل في البلوك 9 له وجهان، تقني وسياسي مرتبط بتحوّل ما طرأ على سلوك «توتال» خلال الأيام الماضية بعدما كانت كلّ المؤشرات من عندها إيجابية… وبين من كانت تعليقاته تتركّز على نتائج عملية الحفر التي تحيط بها الشكوك التي بدت جلية على أسئلة النواب، حيث ذكّر النائب فادي كرم بعد حصوله من هيئة إدارة قطاع البترول على تقرير الحفر الرسمي وسائر التقارير الفنية المقدمة من «توتال»، ربطاً بالسؤال الذي سبق وتوجّه به الى الحكومة.
ومع أنّ الوزير والهيئة كانا على دراية مسبقة بما ينتظرهم في الجلسة، إلا أنّهم احتجوا بتحضير الإجابات التقنية التي ستعرض خلال جلسة جديدة تعقد الأسبوع المقبل لعرضها في إطار PRESENTATION لشرح كل التفاصيل، وتبديد الشكوك حول جدية ما حصل في البلوك 9 خلال 59 يوماً من الحفر، كما ادعت «توتال» حيث تمّ حفر 3900 متر أي بمعدل 66 متراً في اليوم، وهو رقم مهول، كما يقول أحد النواب الذين شاركوا في الجلسة.
وفي المعلومات أيضاً، فهم النواب المشاركون أنّ «توتال» علّقت راهناً الحفر في البلوك رقم 9، أسوة بما فعلته في البلوك رقم 4، وبدأت تفاوض على البلوكين 8 و10.
عطية وفياض
وقال رئيس اللجنة بعد الجلسة: «لدينا هواجس وجاءت بتوقيت الإعتداءات الإسرائيلية والهاجس السياسي، إضافة إلى الناحية التقنية والفنية في البلوك رقم 9… إذا قلت أننا في وضع ممتاز أكون مبالغاً، تقييمنا لن يكون إلا نهاية السنة، عندما تطلعنا شركة «توتال» على الأمور التقنية، وأقول إنّ هناك جواً إيجابياً أفضل ممّا سمعناه في الإعلام».
بدوره، وزيرالطاقة قال: «إن العمل أنجزته شركة «توتال» بشكل محترف، في فترة قصيرة، والنواحي الإيجابية استطعنا أن نتأكد أنه في مكامن الجيولوجية تحت أرض المياه وفي العمق يوجد الرمل وهو مؤشر جيد لأنه يحبس الغاز، كل المؤشرات إيجابية لكن لم يجدوا كميات تجارية من الغاز مقارنة بالتجارب السابقة».
بيان الهيئة
وأصدرت هيئة إدارة قطاع البترول في وزارة الطاقة بياناً قالت فيه إنّه «تم تأكيد إمتداد الطبقات الجيولوجية التي سجلت فيها إكتشافات غازية في بحر فلسطين المحتلة إلى البحراللبناني، وتم تأكيد وجود مكامن (Reservoirs) بنوعية جيدة جداً، احتوت على آثار للغاز في الموقع الذي حفرت فيه البئر، وسينصب الإهتمام في الأشهرالمقبلة على استعمال البيانات والعيّنات التي تم الإستحصال عليها من داخل البئر من أجل نمذجة أدق لحوض قانا بهدف تحديد الإمتداد الجغرافي للمكامن المكتشفة داخله وفي المناطق المحيطة به».
وأضاف البيان أنه «بالرغم من عدم حصول إكتشاف لمواد هيدروكربونية نتيجة حفر هذه البئر إلا أنّ البيانات والعينات التي تم الإستحصال عليها من داخل البئر ستشكل أملاً جديداً ومعطيات إيجابية لإستمرارعمليات الإستكشاف في البلوك 9 والبلوكات الأخرى، وبالأخص تلك المحيطة ببلوك 9، كما أنها تعطي قوة دفع إضافية للإستكشاف في البحر اللبناني».