الفاتورة الاستشفائية تثقل كاهل المرضى الذين لا تغطية صحية لهم

عادت الفاتورة الاستشفائية في لبنان الى التداول، مع قرار نقابة المستشفيات الخاص تحميل المرضى كلفة أدوية العلاج التي يحتاجون اليها أثناء إقامتهم في المستشفى، في ضوء عدم توصل نقابة المستشفيات الخاصة ومستوردي الأدوية الى حل في طريقة تسديد المستحقات العائدة للمستوردين.

تطول الحكاية وتتكرر عن أزمة احتجاز المصارف الأموال العائدة الى المستشفيات، وحصر الحصول عليها بالشيكات المصرفية غير القابلة للصرف في الأسواق المالية اللبنانية بسبب تدني قيمتها.

ويطالب مستوردو الأدوية بنيل مستحقاتهم نقدا وليس بالشيكات، الأمر الذي جعل نقابة المستشفيات تلقي العبء كاملا على كاهل المرضى، غير المغطى معظمهم بصناديق ضامنة من القطاع الخاص أي شركات التأمين. ومعلوم ان الجهات الضامنة الرسمية من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وتعاونية موظفي الدولة لا تتعدى تغطيتها للفاتورة الاستشفائية نسبة 20% في أحسن الأحوال. وكذلك وزارة الصحة التي تتولى تغطية المرضى غير المشمولين بجهات ضامنة.

باختصار، يجد المرضى غير «المحميين» بتأمين صحي خاص أنفسهم مكشوفين في التغطية الصحية، ولا سبيل لهم الا الدفع مما أمكنهم حمايته من مدخرات لم تحتجزها المصارف، ولم تنخفض قيمتها اذا كانت محفوظة بالعملة الوطنية أي الليرة اللبنانية.

لا يعني هذا الكلام ان شركات التأمين الخاصة تؤمن راحة المريض، ذلك ان نزاعات عدة تحصل بين الشركات وإدارات المستشفيات، على خلفية اعتراض الشركات على تكاليف تعود الى أعمال وخدمات طبية وفواتير مستلزمات، وحاجات المرضى الى فحوص مخبرية وصور أشعة ترى الشركات في غالبيتها غير ضرورية، وتطالب إدارات المستشفيات بتقنين الطلبات العائدة الى المرضى وحصرها بالضروريات فقط.

وصارح طبيب رفض بطبيعة الحال الكشف عن اسمه ذوي إحدى مريضاته بخوضه معركة مع شركة تأمين معروفة طلبت منه «إخراج» مريضة من المستشفى الى المنزل لتتابع علاجها هناك بعيدا عن «فاتورة المستشفى». رفض الطبيب لمدة أسبوع، ثم تجاوب بعد اجتياز المريضة دائرة الخطر الشديد، وخفضها الى درجة القلق على وضعها الصحي.

حكايات تتكرر، ويمكن تبيانها بسهولة من مكاتب الدخول الخاصة بالمستشفيات، حيث يصطف المواطنون مستفسرين عن فواتيرهم وما هو غير مغطى منها، ويضعون مبالغ يسجلونها دفعات مسبقة لتأمين تسيير الأعمال الطبية لذويهم.

وباتت تكاليف العلاج من الأمراض المزمنة تقع في قسم كبير منها يتخطى 80% على كاهل ذوي المريض المشمول بتغطية من جهات ضامنة حكومية أو وزارة صحة، علما ان شركات التأمين الخاصة تضع سقوف تغطية للعلاج، لكنها تعين المريض في هذه الفترة الحرجة التي تمر بها البلاد من انهيار اقتصادي ومالي.

وتذهب إدارات المستشفيات الخاصة وغالبيتها جامعية الى الحديث عن التكاليف التشغيلية للمباني من أسعار مازوت لتوليد الكهرباء، والحفاظ على الطاقمين الطبي والتمريضي لضمان جودة الخدمات، في ضوء «هجرة» الأطباء والممرضين الى الدول العربية لتحسين أوضاعهم الاجتماعية.

وتقر الإدارات بإمكان تجنيب المرضى الفواتير المرتفعة للتكاليف التشغيلية، لكنها تفقد زمام المبادرة أمام تأمين الأدوية المحصورة فواتيرها بالعملات الاجنبية من قبل المستوردين. وهذا يعني ان القطاع الطبي يعاني ويجهد القيمون عليه لتأمين استمراريته من دون جعلها كاملة من جيوب المرضى.

عرف لبنان بـ «مستشفى المشرق العربي»، ولاتزال بضعة مستشفيات تجهد للحفاظ على هذه الصورة التي اهتزت على غير صعيد. جهد من المستشفيات وذوي المرضى لتأمين استمرارية مرفق لم تنل منه الحرب وأزمات البلد كلها، عدا الأخيرة المالية غير المسبوقة في تاريخ الدولة اللبنانية.

مصدرالأنباء الكويتية - جويل رياشي
المادة السابقةارتفاع أسعار السلع: بالإحصاء المركزي 121% وبالواقع 500%
المقالة القادمةارتفاع سعر صفيحتَي البنزين 34000 ليرة والمازوت 34000 ليرة والغاز 21000 ليرة