القصة الكاملة لـ23 الف مساهم ومودع في تعاونيات لبنان ينتظرون حلا لمعاناتهم!

القصة الكاملة لأزمة التعاونيات يرويها أحد المؤسسين ورئيس لجنة المساهمين والمودعين في تعاونيات لبنان النقابي محمد قاسم، قائلا، “ان القصة بدأت في السبعينات حين التقى مجموعة من الناشطين الاجتماعيين وفكروا بمواكبة الاوضاع الإقتصادية لأهالي بيروت كخطوة لمساعدة المواطنين على تخفيف الأعباء، عبر تأسيس تعاونية استهلاكيّة كعمل تطوعي، وان تتوسع لتشمل خدمات غذائيّة وسلعا استهلاكية، فأنشأت الجمعية التعاونية الاستهلاكية في بيروت بقرار رقم 22/2 ت برأسمال 1700 ليرة مدّة العمل 99 سنة، هدفها تحسين أوضاع اعضائها الاقتصاديّة والاجتماعية، وتقوم بجميع الاعمال من خدمات طبّية مستوصفات تأمينات على انواعها وفي 2/8/1979 كانت البداية في منطقة صبرا، لكن سرعان ما توسعت وانضم الى المشروع عدد اكبر من المساهمين، واصبح لدى تعاونيات لبنان 48 فرعا منتشرة على كل الاراضي اللبنانية، واضحت مؤسسة خدماتية كبرى لديها مؤسسات انتاجية: مزارع لحوم، تجارة، ومفروشات. نذكر على سبيل المثال ان حجم مبيعاتها سنة 99 كان 154 مليون دولار! وتعاونيات لبنان في عزّها كانت مصدرا موثوقا تعتمد عليها وزارة الاقتصاد في تسعير البضائع. بعد نجاحها وتوسعها بدأت تشكل مصدر قلق لدى البعض لأنّها كانت مهيمنة على السوق التجاري اللبناني حتى ان “المولات” الكبرى لم تنتشر الا بعد محاولات إضعافها.

ويشرح قاسم انه جرت العديد من المحاولات لأضعاف التعاونيات ووضع اليد عليها بطرق مختلفة وكبرت المؤامرة عليها، ونقطة ضعفها كانت أن الانتشار الكمّي للفروع لم يترافق مع رفع مستوى الإدارة واعتماد المكننة، وحصلت ازمة ركود وتعثر عن دفع بعض الديون، لكن كان يمكن للحكومة اقراضها المال اللازم بسيولة صغيرة لحلّ المشكلة كما حصل مع مؤسسات اخرى، لكن المؤامرة كبرت للانقضاض عليها في بيروت وجبل لبنان. باختصار جرى اقتحام للتعاونية بقرار قضائي من قبل المديرية العامة للتعاونيات التي تتبع وزارة الزراعة ومن دون استدعاء ولا تحقيق ولا اتهام واعتقل المدير العام، وسجن وجرى تأليف لجنة موقتة وضعت يدها على المخزون السلعي بحوالي 43 مليون دولار بدون تسلم وتسليم ولا جردة حساب. فجأة طارت 60 مليار، وصار الحديث عن عرض لمؤسسات لتدير التعاونيات فتقدمت اكثر من شركة، بينها واحدة فرنسية اسمها “لوكلير” عرضت 108 مليون دولار على 10 سنوات لتقوم بالادارة والتشغيل وتستفيد من الارباح، فبدأت حملة عليها من قبل المتضررين، وبدأ الترويج لشركة سعوديّة عرضت 10% زيادة عن العرض الفرنسي اي 120 مليون دولار فانسحبت الفرنسيّة، وبعد فترة من الزمن اختفت الشركة السعودية وهنا تجلّت المؤآمرة عبر تأسيس شركة خاصة بإذاعة تجارية اسمها الشركة المتّحدة للأسواق المركزية برأسمال 5 مليون ليرة لوليد شحادة وأكرام احمد شحادة وامين الحاج شحادة، وهي ذراع لآل المهير السعودية تتعاطى جميع اعمال التجارة العامة والخدمات، وبعد بضعة اشهر تنازلت هذه الشركة عن 61% من أسهمها لشركة المخازن الكبرى التي دخلت شريكة بـ3 مليون دولار في 27/3/2000 وهذه تعتبر فضيحة كبرى.

ويعتبر اصحاب الحقوق ان الدولة لم تقف بصفّهم، بل تآمرت عليهم، وبعد مطالبات عديدة منهم قدّمت وزارة الزراعة اقتراح قانون الى مجلس الوزراء لحل المشكلة فكان القانون 109 في 1/7/2010 ويقضي باعطاء 75 مليار ليرة تُعطى نصفها للمساهمين والمودعين، والنصف الآخر للتجار والدائنين إلا أنّ النص جرى “تفخيخه” بفقرة تعطّل تنفيذه بمجرد اعتراض احد الدائنين.

في المحصلة السياسة دخلت بقوة في هذا الملف، والمبلغ المقترح حسب القانون لم يعد له قيمة اليوم، فالمساهمون والمودعون يطالبون بالقيمة السابقة للأموال أي 50 مليون دولار مع العلم أنّ قيمة عقارات التعاونيات اكثر بكثير من 110 مليون دولار. إذن، هذا الملف ينتظر حلا ومعالجة منصفة لأصحاب الحقوق الذين لم يسمعوا حتى اليوم سوى بوعود من المسؤولين.

مصدرالنشرة - كوثر حنبوري
المادة السابقةجهنم مُكتمل الأوصاف… وهذا ما أكده خبراء الاقتصاد!
المقالة القادمةحكومات المنطقة ودول عالمية تدعم قمة السعودية لتخضير الشرق الأوسط