اللبنانيّون يأكلون السمّ ويتنفّسون إنبعاثات وبلدهم يعد “بنجدة الأرض”

رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مثّل لبنان الذي كان أخضر حيّاً في قمّة المناخ ومما قال: “إن العواقب المناخية السلبية ستزيد من حدّة التحديات على لبنان وتضاعفها، وستعيق أيّ تحسن في وضعه الإجتماعي والإقتصادي” وقدّر إجمالي كلفة التغيّر المناخي على الإقتصاد اللبناني بنحو 16 مليار دولار أميركي في 2040″ مؤكداً “أن لبنان في طليعة الدول التي تسعى الى تحقيق الإستدامة البشرية والبيئية وهو شريك داعم للتصدي للتغيّر المناخي”.

لا “أخضر” في لبنان ولا “جهوزية” بل موت ويقين بأن لبنان سيُسجل في القريب العاجل 550 إصابة جديدة بالسرطان سنوياً و3000 إصابة جديدة بمرض الإنسداد الرئوي المزمن ونحو 500 إصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وبجلطات وبإضطرابات عصبية جراء إجتياح المولدات الكهربائية كل لبنان. غريبٌ حقاً أمر لبنان!

زياد أبي شاكر، المهندس البيئي والصناعي ومؤسس شركة “سيدر إنفايرومانتل” لم يتابع حراك لبنان في قمة المناخ في غالاسكو “فلماذا يفعل وهو عالم أن الأمر ليس ما نفكر ونقول بل ماذا نفعل؟” ولبنان لا يفعل شيئاً.

زياد أبي شاكر ينتقل من موقع الى آخر، ومن مهمة الى أخرى، وهمه الأهم الوصول ذات يوم الى مجتمع خال تماماً من النفايات. هو يحلم بوطنٍ. أما هم فبماذا يحلمون؟ وأنتم بماذا تحلمون؟ اللبنانيون يحلمون بأن يناموا بأمعاء مكتفية. هذا هو حدود الحلم في بلادٍ نسف مسؤولوها كلّ الأحلام فحلّت بدلاً منها الكوابيس. لكن، فلنحاول أن نكون إيجابيين ولو قليلاً ولنسأل: ماذا يعني أن يتعهد لبنان أمام العالم بما هو عاجز عن القيام به؟

يرى زياد أبي شاكر “أن لبنان بالفعل قد استجاب لكن مرغماً، مكرهاً، لأن الإقتصاد اللبناني تقلص أكثر من 60 في المئة والحركة الإقتصادية الى مزيد من الإنكماش وسعر الوقود أصبح باهظاً، أكثر من قدرة الناس على تحمل شرائه، لذا “أوعا” يفكر أحد أن الدولة تلبي تلك الإحتياجات على الطاولة، جراء أبحاث وقرارات “واعية” وبالقلم وعلى الورقة، بل باستنسابية قد تحقق بعض الوعود بالإنتاج النظيف. صعود الدولار هو الذي “هلك” العملة اللبنانية فتعطل الإقتصاد وذهبنا الى تقليل الإنبعاثات. وهذا بالطبع ليس حلّاً. وذهاب لبنان الى غالاسكو كان “لزوم ما لا يلزم” فلا دور له ولا قدرة على الإلتزام الصريح الواعي بل هي إلتزامات تحصل بمحض الصدفة”.

هنا، في لبنان، نتحدث عن البيئة وكأنها “ترف” في ظل كل السيئات التي نعيشها. وهذا ما يجعلنا ننظر الى السموم التي نتناولها ونتنشقها بقبولٍ كلّي. فالأهم منها ان نأكل وأن نتنشق وأن ننعم بكهرباء المولدات ولو كانت مثقلة بالرواسب البيئية. وهذا ما تفعله بنا دولتنا. وفي كل ذلك ننسى، أو حتى لا نعرف، أن أحد أبرز بنود حقوق الإنسان هو الهواء النظيف.

هناك من سأل: وماذا قصد نجيب ميقاتي بقوله سيلتزم لبنان تحقيق الإقتصاد الأخضر الدائري؟ هو نظام إقتصادي يهدف الى القضاء على الهدر والإستخدام المستمر للموارد. يبدو أن الدولة اللبنانية تتوقع، كي يتحقق وعدها ذلك، بأن نكون أمام سنوات كثيرة عجاف لا اقتصاد فيها ولا إنتاج وربما لا أحياء. وما عدا ذلك فأيّ وعد بالذهنية اللبنانية السائدة فهو ليس أكثر من وعد على صابونة تذوب. وكيف لا ونحن، في لبنان، نتنفس تلوثاً. ومنظمة الصحة العالمية تقول “ان تلوث الهواء قاتل صامت”. ذهاب لبنان الرسمي وعودته من قمة غالاسكو “لزوم ما لا يلزم”. وهذه الحقيقة مدمرة للإنسان والبيئة وكل الأحياء في بلد راكد على ملوثات بالجملة.

 

مصدرنداء الوطن - نوال نصر
المادة السابقةمُهرّبو الأموال و”اللاعبون الكبار” شركاء “كارتيل العار”… لا لوائح ولا من يُرسِلون
المقالة القادمةإضراب الموظفين يشلّ الحركة… معاناتهم لا تقلّ عن معاناة الناس