أظهر مسح جديد للبنك المركزي الأوروبي، امس الجمعة، ارتفاع توقعات زيادة التضخم بين مستهلكي منطقة اليورو للعام المقبل واستقرارها لمدة ثلاث سنوات؛ مما يزيد من الأدلة على أن المرحلة الأخيرة من كبح نمو الأسعار قد تكون صعبة.
وانخفض التضخم على نحو سريع في العام الماضي ويسجل الآن أقل بقليل من ثلاثة في المائة، لكن «المركزي الأوروبي» قال إنه قد يستغرق أكثر من عام آخر لينخفض إلى هدفه عند اثنين في المائة؛ على الرغم من سلسلة قياسية من رفع أسعار الفائدة والنمو الاقتصادي الضعيف.
وقال «المركزي الأوروبي»، استناداً إلى مسح شمل 19 ألفاً من البالغين في 11 دولة عضو بمنطقة اليورو، إن متوسط التوقعات للتضخم في الاثني عشر شهراً المقبلة ارتفع إلى 3.3 في المائة في يناير (كانون الثاني) الماضي، مقارنة مع 3.2 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) 2023، في حين ظلت التوقعات للأعوام الثلاثة المقبلة دون تغيير عند 2.5 في المائة.
وتأتي توقعات «المركزي الأوروبي» المتشائمة رغم أن بيانات مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات)، كشفت، الخميس، عن تراجع معدل التضخم في منطقة اليورو خلال يناير الماضي مثلما كان متوقعاً، ويرجع ذلك بصورة كبيرة إلى انخفاض أسعار الطاقة.
وارتفع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 2.8 في المائة على أساس سنوي في يناير، بعدما ارتفع بنسبة 2.9 في المائة خلال ديسمبر الماضي. وتراجع معدل التضخم الأساسي باستثناء أسعار الطاقة والطعام والكحوليات والتبغ إلى 3.3 في المائة في يناير الماضي، بعدما سجل 3.4 في المائة في ديسمبر الماضي. كما أبقى المكتب على توقعاته بالنسبة لمعدل التضخم العام المقبل عند 2.2 في المائة.
كما لم تشفع بيانات تحسن النشاط التجاري في توقعات التضخم المقبلة؛ إذ أظهر مسح، الخميس، أن معدل تراجع النشاط التجاري في منطقة اليورو انحسر في فبراير (شباط) الحالي، حيث كسر قطاع الخدمات المهيمن سلسلة من الانكماش استمرت ستة أشهر؛ مما عوض تدهوراً في قطاع التصنيع.
وارتفع مؤشر بنك هامبورغ التجاري الأولي المجمع لمديري المشتريات، والذي تجمعه «ستاندرد آند بورز غلوبال»، إلى 48.9 نقطة هذا الشهر، من 47.9 نقطة في يناير الماضي، متجاوزاً التوقعات في استطلاع أجرته «رويترز» عند 48.5 نقطة، لكنه يمثل شهره التاسع دون مستوى 50 نقطة الفاصل بين النمو والانكماش.
وقال نورمان ليبكه، الاقتصادي في بنك هامبورغ التجاري: «هناك بصيص من الأمل في أن تتجه منطقة اليورو نحو التعافي. وهذا ملحوظ بشكل خاص في قطاع الخدمات».
وتحسنت المعنويات وزادت الشركات عدد الموظفين بأسرع وتيرة منذ يوليو (تموز) الماضي في إشارة إلى توقعات باستمرار الزخم. وارتفع مؤشر التوظيف إلى 51.2 نقطة من 50.1 نقطة. كما قفز مؤشر مديري المشتريات للخدمات إلى 50 نقطة من 48.4 نقطة في يناير، وهو ما يتجاوز بكثير توقعات الاستطلاع عند 48.8 نقطة.
لكن كانت هناك علامات على وجود ضغوط تضخمية مع ارتفاع مؤشرات أسعار مدخلات ومخرجات الخدمات، كما حدث في يناير. وارتفع مؤشر أسعار الإنتاج إلى أعلى مستوى له في تسعة أشهر عند 56.9 نقطة من 56.3 نقطة.
وقد يثير هذا قلق صناع القرار في البنك المركزي الأوروبي الذين أبقوا أسعار الفائدة عند مستوى مرتفع قياسي بلغ أربعة في المائة الشهر الماضي، وأكدوا مجدداً التزامهم بمكافحة التضخم حتى مع مراهنة المستثمرين على انخفاض تكاليف الاقتراض هذا العام.
وزاد التراجع في قطاع الصناعات التحويلية هذا الشهر مع انخفاض مؤشر مديري المشتريات إلى 46.1 نقطة من 46.6 نقطة، وهو ما يخالف التوقعات في استطلاع أجرته رويترز بارتفاعه إلى 47 نقطه. ويسجل مؤشر مديري المشتريات للقطاع مستوى أقل من 50 نقطة منذ يوليو 2022. وانخفض مؤشر يقيس الإنتاج، ويغذي مؤشر مديري المشتريات المجمع، إلى 46.2 نقطة من 46.6 نقطة.
وأوضح ليبكه أن «قطاع التصنيع يمثل عائقاً أمام الاقتصاد الأوروبي. ويتجلى ذلك بوضوح في الانخفاض الحاد في الإنتاج وتراجع الطلبيات الجديدة».