المصارف “تتسلّق” أكتاف المودعين

المودعون بشكل عام، وأصحاب الرواتب الموطنة بالدولار بشكل خاص، يتعرضون لـ”مجزرة” نقدية واجتماعية. فالفئة الاخيرة لا يمكنها الاستفادة من التعميم 158، وهي مضطرة إلى سحب نسبة ضئيلة من رواتبها (تحددها بعض المصارف بـ 400 دولار) على أساس التعميم 151، أي على سعر صرف 3900 ليرة، والباقي يسدد على سعر الصرف الرسمي أي 1500 ليرة. وعليه من يتقاضى راتباً بقيمة 1000 دولار لا يصله من المصرف إلا 2.5 مليون ليرة، فيما يفترض التعميم 151 نيله 3.9 ملايين ليرة، والمنطق 21 مليوناً. هذا الفرق يرتفع كلما زاد حجم الراتب أو الوديعة، وهو يشكل للآلاف من المودعين “البحصة” التي قد تسند “خابية” الارتفاع الهائل في الاسعار والمتطلبات الحياتية. لكن بماذا يفيد المصرف؟

وبحسب فحيلي فان الخوف من أن تكون المصارف تنوي في المحور الثالث، الذي يلي التعميمين 151 و158 الاستفادة من تخفيض مطلوباتها تجاه عملائها، أي تخفيض الودائع واستعمال الفرق لتسديد المزيد من الودائع الكبيرة بـ”الشيك بنكير” (المصرفي)، أو توظيف الفائض النقدي بمؤسسات صيرفة تكون لها مونة عليها. وبهذه الطريقة تستخدم المصارف الفرق أو الفائض لاعادة رسملة نفسها وضخ رأسمال جديد بالدولار في “عروقها المنشّفة”.

وللتوضيح فالمصرف الذي يسدد وديعة بقيمة مليون دولار بـ 200 ألف دولار سيحقق وفراً بقيمة 800 ألف دولار يمكنه تدويرها مع الاصول وبالتالي المساهمة برسملة نفسه”. ما يعزز هذه الفرضية أكثر بحسب فحيلي أن “المصارف تمتلك مبالغ من البنكنوت بالدولار، وهي إن كانت قد توقفت أوائل العام الماضي عن إعطائه للمودع، فهذا لا يعني أنها غير موجودة. وبالمقارنة بين استثمار هذه المبالغ بالدولار بالسوق الرسمية وتلبية سحوبات المودعين رسمياً وقانونياً، تفضل أن توظف هذا الفائض لمصلحتها. فهي إما تتاجر بالشيكات البنكية لتسديد متطلبات بأقل من 80 في المئة من قيمتها، وإما توظف النقد في أسواق معينة ومؤسسات صيرفة تعود عليها بالربح الكبير”. هذا الواقع كان قد شجع عليه مصرف لبنان في منتصف العام 2020، من خلال إصدار تعميم جديد يتيح زيادة أصول المصارف من دون أن تقدم أي أموال جديدة. وذلك عبر أدوات جديدة من أي نوع من الادوات الرأسمالية بالعملات الاجنبية التي يمكن قبولها ضمن مختلف فئات الاموال الخاصة. وعليه حتى لو كان الفارق بتسديد الودائع بحسب التعميمين بـ”اللولار” وليس دولارات نقدية، فهو يعتبر ضخاً للرأسمال في ميزانيات المصارف.

وبحسب فحيلي فان “هناك الكثير من الممارسات التي تبقى ضبابية ولا تساهم في ترميم الثقة بين المصرف والزبائن أصحاب الودائع على وجه خاص. كما أن غياب الشفافية، وإمتناع المصارف عن التواصل الدائم مع عملائها، وصمت جمعية مصارف لبنان في هذه الأوقات والظروف الذي يمر بها القطاع المصرفي، كلها تنعكس سلباً على سلامة القطاع المصرفي المحلي وعلى قدرته على الإستمرار بعافية ولعب دور فعّال في مسيرة الإنقاذ والتعافي الإقتصادي”.

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةأبو شقرا: هناك محطّات لازالت مقفلة بسبب عراقيل
المقالة القادمةمجلس النواب يُجدّد هيكليته ويُقرّ مشاركة الإغتراب في انتخاب الـ128