المصارف تصفّي استثماراتها الخارجية: من الرابح؟ من الخاسر؟

في مطلع الألفية بدأت تنتشر شائعات عن «ضيق السوق المحلية» على المصارف واضطرارها إلى التوسع نحو الخارج، إلى أن تمكنت من استثمار نحو 4.5 مليارات دولار في مؤسسات مالية في نحو 30 دولة. اليوم، بدأت المصارف تصفّي استثماراتها في الخارج لتعزيز رساميلها وسيولتها بالدولار، لكن لم يسأل أحد بأي دولارات موّلت المصارف هذا التوسّع؟ من يملك فعلاً هذه الأموال؟ ما هي أسباب هذا الضيق الذي فرض عليها التوسّع؟ هل كنّا بحاجة فعلاً إلى التوسّع؟

يقدّر أنه لدى المصارف اللبنانية استثمارات في مؤسّسات مالية خارجية بقيمة 4.5 مليارات دولار. يستند هذا التقدير إلى سعر الاستثمار ولا يتعلق بسعر مبيعها الحالي الذي قد يكون أعلى أو أدنى بحسب ربحية الاستثمار وتقييمه الفعلي. لكن المهم في هذه الاستثمارات، أنها تمثّل المكوّن الأساسي وشبه الوحيد حالياً لأصول المصارف الخارجية، وبالتالي فإن بيعها سيتيح للمصارف تكوين احتياطيات حرّة لدى مصارف المراسلة بنسبة 3% التي حدّدها مصرف لبنان، فضلاً عن أنه يمكن استعمالها أيضاً في زيادة الرساميل. لكن أصل هذه الأموال يعود إلى المودعين الذين أودعوها في المصارف، قبل أن يسمح لهم مصرف لبنان بإخراجها في إطار سياسة «الانتشار»، بذريعة أن السوق المحلي لم يعد يستوعب المنافسة بين المصارف.

لغاية اليوم، المُعلَن أن هناك مصرفين باعا بعضاً من أصولهما في الخارج بما يفوق 1.1 مليار دولار. «بنك عودة» باع المصرف الذي يملكه في سوريا بنحو 25 مليون دولار، والمصرف الذي يملكه في مصر بقيمة 660 مليون دولار، أما «بلوم بنك» فقد باع المصرف الذي يملكه في مصر بقيمة 427 مليون دولار.

بحسب مصادر في مصرف لبنان، فإن غالبية المصارف الصغيرة قد أمّنت المبالغ المطلوبة منها لدى المصارف المراسلة، فيما لا يزال بعض المصارف الكبيرة والمتوسطة يعمل على إنجاز هذا الأمر

إذاً، الانتشار المصرفي في الخارج لم يكن «نعمة»، ولم يحقق الكثير للمصارف. بل إن الأرباح الخارجية كانت أقلّ بكثير مقارنة مع المردود المحلي. طبعاً لا شيء يضاهي المردود الذي كان يقدّمه سلامة للمصارف. هذا الأمر وحده كان يجب أن يكون كفيلاً بالانتباه إلى المشكلة، لكن يبدو أن المصارف لم تنتبه. كانت غافلة. عضو جمعية المصارف تنال الصباح قالها صراحة: «مصرف لبنان خدعنا. أغرانا». في الواقع، خدعهم مصرف لبنان منذ فترة طويلة عندما حوّلهم إلى دمى تربح الأموال، وهم وقعوا في فخ الخداع بسبب جشعهم فارتضوا التخلّي عن عملهم التجاري بالوساطة المالية (والذي كان سيُربحهم الكثير ويُشبع نسبة كبيرة من جشعهم أيضاً) لمصلحة الأرباح الأكثر سهولة. توسعهم نحو الخارج كان جزءاً من لعبة الخداع نفسها التي وفّرت لهم الأرباح من أموال المودعين!

 

للاطلاع على المقال كاملا:

http://www.al-akhbar.com/Politics/299160

مصدرجريدة الأخبار - محمد وهبة
المادة السابقةضومط: لتوفير علاجات وطواقم طبية لخدمة المصابين في منازلهم
المقالة القادمةشراكة سعودية ـ روسية لإطلاق مركز لتصنيع أنظمة الضخ الصناعي النفطية