“الهبوط الحر” سيتسارع في 2022

انفجار الأزمة لم يخلخل الاقتصاد فحسب، بل “دك” أساسات الطبقة السياسية التي “أثبتت أنها لم تكن تدير البلد من بعد الحرب، إنما تمتص خيراته وثروات أبنائه”، بهذا الوضوح يرى وزير الاقتصاد السابق رائد خوري الواقع. و”طالما الحلول منوطة بهذه الطبقة فلا خلاص؛ ليس لأنها تتعامل في ما بينها، ومع الخارج، بعقلية الميليشيات فقط، إنما لجهلها الفاضح بأبسط قواعد الإدارة الرشيدة والحوكمة والشفافية. وحتى لو استطعنا أن نتوصل إلى إطار العمل المناسب مع صندوق النقد الدولي، أو غيره من المؤسسات الدولية فستفشل الخطة حكماً، لأن الأمور مرتبطة في النهاية بالاشخاص وتوابعهم من المستشارين. فهذه الفئة التي حكمت البلد بالوكالة اعتادت على تلقي الأوامر من زعماء الأحزاب وتأييدهم من دون نقاش أو مجادلة. وهي لم تعد تنفع لتطبيق الحلول الهادفة للخروج من المأزق.

مع الفشل الذريع لـ”نموذج تثبيت سعر الصرف”، الذي انتُهج منذ نهاية تسعينات القرن الماضي، لم يبصر النموذج الجديد المنوي اعتماده في المرحلة المقبلة، النور بعد. فلا المعايير الاقتصادية الواجب اتباعها متفق عليها، ولا السياسة النقدية الواجب الالتزام بها محددة، ولا الاصلاحات مقرّة، ولا العلاقات مع الخارج تحظى بالاجماع. كل ما يحصل هو “الاستمرار في عزل أنفسنا عن المجتمعين العربي والدولي”، يقول خوري.

الصورة الواقعية التي يرسمها خوري حتّمت سؤاله بوصفه وزيراً سابقاً، إن كان المعنيون في الحكم يرونها أو أنهم جاهلون عنها، وفي الحالتين المشكلة كبيرة. “بيعرفوا، ومش فارقة معهم”، يجيب رائد خوري. و”الأسوأ أنهم لا يملكون الخبرة الكافية لادارة الازمة ووضع تطبيق السياسات التي تكفل الخروج منها حتى لو أرادوا ذلك. فنحن ننتظر منهم أن يكونوا رجال دولة فيما هم زعماء طوائف نقلوا معاركهم الساخنة من الجبهات إلى وسائل التواصل الاجتماعي الباردة، ولا نية لهم لا بالاتفاق ولا بتخليص البلد”.

ويضيف، “نحن نعرف أنهم يعلمون أن حديثهم عن الخطط لا أساس له، وأن تلويحهم بالعمل على اتفاق مع صندوق النقد مجرد “شيك بلا رصيد”. ولو سلمنا جدلاً بتوصلهم الى امضاء مسودة اتفاق مع صندوق النقد الدولي، فان الآمال بان تمر في البرلمان قبل الانتخاب معدوم. فهم عاجزون عن تغيير موظف، فكيف لهم أن يوقعوا على تصغير حجم الدولة واقصاء أزلامهم عن الإدارات وفقدان مراكز التنفيعات السياسية والجنات الخلفية للتوظيف الانتخابي في إدارات الدولة ومؤسساتها. وعليه فان كل الذي يفعلونه في الحكومة الحالية، وسبق وفعلوه في الحكومة السابقة كان مجرد كلام لا أساس له. وما زالوا لغاية اللحظة عاجزين عن تحديد الخسائر وكيفية توزيعها ولم يمرروا أصلاحاً واحداً يذكر. وهذا ما يعلمه جيداً صندوق النقد. ومن المستحيل أن يوافق عليه أو أن يدخل في اتفاق مع دولة لا اتفاق فيها على أبسط العناوين وتدار الامور فيها بالشعبوية.

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةانطلاق أوّل خطّ للنّقل المشترك بين طرابلس والكورة
المقالة القادمةقطاع الخلوي… رئاسة الجمهورية ستردّ تعديل المادة 36؟