بعد الإقفال العام.. قطاعات اقتصادية الى الإفلاس مع سيطرة الإحتكار وتغييب الشراكة مع القطاع الخاص

حذّر ​صندوق النقد الدولي​ من تداعيات إنسانية كارثية لتفشي فيروس كورونا على الدول التي تعاني من نزاعات مسلحة وعدم استقرار سياسي وضعف في بنية الدولة و​البنية التحتية​ وبينها ​لبنان​ . فهذه الدول ترزح تحت ضعف البنية التحتية الصحية.

صحيح ان الجائجة فرضت الإقفال العام في عدد من البلدان، ولكن كثير من الحكومات سارع الى التعويض عن انعكاساته على الاقتصاد الذي يهددّ استمرارالدول بموجب خطة اقتصادية واجتماعية تلامس الواقع.

ما هي كلفة الاقفال العام اليومية على الاقتصاد الكلي في لبنان اليوم؟

ما هي القطاعات الأكثر تضررا او خسارة، وفي المقابل ما هي القطاعات المستفيدة؟

كيف يجب مواجهة هذه التداعيات او اي تدابير كان من المفترض اتخاذها على الصعيد الاقتصادي في دولة مفلسة ومنهارة كلبنان ؟

يعتبر رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق الدكتور باتريك مارديني انه وفق التقديرات، في العام 2020، كانت كلفة الاقفال بحدود 20 مليون دولار اميركي يومياً . وفي العام 2021، ونظراً لصغر الاقتصاد اللبناني، ومع وجود ​ازمة اقتصادية​ حادة اسفرت عن إقفال عدد من الشركات، بحيث انه مع إعادة فتح البلد لن تفتح مجدداً، فإن الكلفة مقدرة بـ10 ملايين دولار يومياً.

ولا بد من الإشارة الى صعوبة معرفة الأسباب الحقيقية وراء إقفال هذه المؤسسات او تحديدها.

ويقول مارديني: بالتأكيد، ان القطاعات التي هي أكثر تضرراً هي تلك التي تلتقي مع الزبون مباشرة، مثل ​الفنادق​، المقاهي، المطاعم والمحلات التجارية التي تبيع بالمفرق من البسة، احذية، مفروشات، سيارات وغيرها… كما إن ​القطاع السياحي​ بشكل عام حصد الضرر الكبير بفعل تراجع حركة السفر والطيران. الى جانب ذلك، لا يجب إغفال الخسائر التي حلّت في قطاعات الترفيه خارج المنزل مثل دور السينما، ​المنتجعات​ والنوادي الرياضية…

بإختصار، لأن ​اقتصاد لبنان​ يعتمد كثيراً على الخدمات والسياحة كان حجم الأضرار كبيراً. في الواقع، إن القطاع السياحي يكاد يكون الوحيد المسموح له بالمنافسة، وحرية التحرّك ما مكنّه من جذب الزبائن وتحقيق التطوّر.

بينما القطاعات الأخرى مثل الصناعة والزراعة، فإن القيود المحاطة بها لم تساعدها . فالصناعة تعتمد على الكهرباء بشكل رئيسي، والزراعة بحاجة الى الري الذي هو مرتبط بتأمين الكهرباء الى جانب مياه نظيفة وغير ملوّثة . وقطاعا الصناعة والزراعة هما في دائرة الإحتكار؛ اولاً :إحتكار مؤسسة ​كهرباء لبنان​ مع كل ادائها السيء ينعكس على انتاج الصناعة اللبنانية، وسيما منها صناعة المواد الطبية المتطّورة من لقاحات وغيرها… علماً انها تملك كفاءات بشرية من ​اطباء​ ومهندسين و​علماء​ ينتهي المطاف بهم وسط هذه الحواجز الى الهجرة للخارج.

ثانياً: إن ​قطاع الاتصالات​ لايمكن ان يكون احتكاراً بيد شركتي خليوي مقابل ترك الهاتف الثابت محصورا بيد ​هيئة اوجيرو​. هذه الآلية المتبعة تخنق قطاع التكنولوجيا برمته. لذلك، في لبنات نجد ان القطاع الوحيد القادر على التنفّس هو السياحة والخدمات فيما ان الصناعة تلقّت الضربة القاسية من الغياب شبه الكلي للكهرباء. وبالتالي، كلفة الأضرار ليست بقليلة.

وبالنسبة للصناعة، من المفترض إزالة احتكار كهرباء لبنان . فاي مستثمرجديد في الصناعة عليه قبل كل شيء فتح مصنع كهرباء لتأمين التيار اللازم لتشغيل مصنعه ، ما يعني كلفة إضافية.

لذلك، فإن الحل الوحيد هو ايجاد المنافسة في ​انتاج الكهرباء​ من اجل تأمين ايضاً الخدمة الأفضل في التوزيع والسعر الأنسب الى المشتركين. وهنا بالتأكيد ستكون كلفة انتاج الكهرباء ادنى من التي ينتجها اصحاب الموّلدات الخاصة.

باختصار، فتح المنافسة امام القطاعات وخصوصاً الكهرباء والاتصالات وتحقيق الشراكة مع ​القطاع الخاص​ سيخفّض كلفة الخسائر علينا الناتجة عن مواجهة وباء كورونا.

وسيتعّين على صنّاع السياسات ​الموازنة​ بين زيادة الدعم على المدى القصير لضمان صلابة التعافي وبقاء الدين في مستوى تسهل إدارته على المدى الأطول. وسيكون من الضروري وضع أطر متعددة السنوات تتسم بالمصداقية لإدارة الإيرادات والنفقات (بما في ذلك كيفية تعزيز مركز المالية العامة على المدى المتوسط)، لا سيما في البلدان التي تعاني من ارتفاع مستويات الدين وضيق أوضاع التمويل.

مصدرالنشرة - رولى راشد
المادة السابقةأهالي الطلاب في الجامعات الأجنبية يقفلون عدداً من المصارف في طرابلس
المقالة القادمةالذهب يتعافى من أدنى مستوى في 7 أشهر