تعرفة “السرفيس” الى 8000 ليرة وقابلة للإرتفاع!

في لبنان يرتفع سعر العيش بكلَيته، الا المواطن، فحالته المعيشية في هبوط مستمر. وفي السياق رفعت تعرفة» السرفيس» من ٣٠٠٠ ليرة في تموز ٢٠٢٠ الى ٨٠٠٠ ليرة في تموز ٢٠٢١ ، والسبب جنون الدولار أولا ورفع الدعم الجزئي عن المحروقات مؤخرا، وأصبح اللبناني يختم يومه المضني بتعرفة تسلبه على مدى شهر، ثلاثة أرباع الحد الأدنى للأجور الذي يتقاضاه، إذ تبلغ تكلفة تنقّله بـ»سرفيس» واحد من وإلى عمله نحو 450 الف ليرة شهريا بالحد الأدنى.

يعتبر السائقون العموميين رفع التعرفة أمرا بديهيا نظرا لارتفاع سعر المحروقات وندرتها واحتكارها في السوق السوداء، عطفا على غلاء قطع غيار السيارات وإصلاحها لا سيما أن الدولار اليومي هو من يتحكم بهذا القطاع كما سواه. أرجع رئيس اتحادات ونقابات قطاع النقل البري في لبنان، بسام طليس، هذا الواقع إلى السياسات الرسمية الخاطئة التي يدفع ثمنها الركّاب والسائقون العموميون في آن، وقال ل»الديار» أنّنا في ظرف إستثنائي تغيب فيه المراقبة والمحاسبة، وأنّ ما يجري على صعيد تعرفة النقل يحصل في سائر القطاعات، إنّما هذا لا يعني أن يتحول السائقون الى موقع إزعاج للمواطنين. ولفت إلى أنّ النقل العام الخاص يقوم بمهمة الدولة لغياب النقل المشترك، لذلك «حمّلنا المسؤولية للدولة ونظمنا إجتماعا مع رئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور حسان دياب ثبّتنا من خلاله اعتماد البطاقة التمويلية وإعطاء السائقين صفيحة البنزين بسعر 40000 ل.ل، والمازوت بسعر 30000ل.ل، وتخصيص مبلغ 500000ل.ل بدل تصليح وصيانة، ومطالب أخرى، وذلك من أجل عدم المساس بجيب المواطن الذي خسر نحو 90% من قيمة راتبه».

وتابع طليس قائلا:» لأن مطالبنا تحتاج إلى أشهر لتكون قيد التنفيذ قمنا بتحديد تعرفة إستثنائية لمدة شهرين أو ثلاثة تبلغ 8000 ليرة، حتى تأمين تحقيق هذه المطالب ومن ثم نعود – لتعرفة الـ 4000 ل.ل عند انتفاء المبرّر، مؤكدا أن تحديد التعرفة راعى ظروف السائقين وامكانيات المواطنين، مشددا على إجراءات صارمة ستتخذ من قبل الأجهزة المعنية بحق المخالفين، مناشدا السائقين بعدم تعريض أنفسهم للملاحقة أو المحضر أو الحجز، واعدا إيّاهم بمسعى تخفيفي سيقوم به الإتحاد مع وزير الداخلية والكتل النيابية للوصول الى إعفائهم من رسوم الميكانيك والمعاينة. وأشارطليس للديار إلى أنّه تمنّى على وزير النقل والأشغال العامة ميشال نجار أن يعلن التعرفة الجديدة بعد العيد مباشرة بحضور وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي، كونها الوزارة التي ستتولى مهمة المراقبة.

رئيس الإتحاد العام لنقابات السائقين وعمّال النقل في لبنان مروان فياض أشار ل «الديار» الى المفاوضات التي جرت مع حكومة تصريف الأعمال قبل شهرين من رفع التعرفة وتمّ الإتفاق على إعطاء السائقين العموميين بعض التقديمات، وألمح الى أنه كان بامكان الحكومة أن تحقق هذه المطالب لكنها لم تفعل، وحتى لم تقدّم لهم بدل غلاء محروقات بالأخص بعد أن أصبح سعر صفيحة البنزين بـ 74 ألف ليرة وأكثر، لافتا الى أنه لم يعد باستطاعة السائقين تحمل المزيد، وأضاف أنّه نتيجة لهذا الواقع إضطرالإتحاد العام لنقابات السائقين وعمال النقل الى رفع تعرفة النقل الى 8000 ليرة، مشيرا الى أن التعرفة الجديدة « ثقيلة على المواطنين خفيفة على السائقين»، وكشف أنّها ليست ثابتة ودائمة، وأن الإتحاد سيقرر وفق الدراسة الجديدة إن كان سيبقيها أو يرفعها بالأخص ان لم تحقّق الحكومة مطالب السائقين .

ورأى أنّ مشلكتنا ليست في تصحيح تعرفة النقل، ولا الإحتياطي الإلزامي الذي اعتبره بدعة دخيلة على قانون النقد والتسليف، بل إنّ ما نحتاج اليه هو خفض كلفة المعيشة بخفض الدولار من خلال استعراض العوامل المؤثرة سلبا على صرف الليرة وايجابا على صرف الدولار، وأهمّها برأي يشوعي العامل النفسي، كاشفا ان هناك الكثير من الدولارات النقدية في لبنان سحبت قبل وخلال وبعد عامي 2019 و 2020 ، ولكنها غير معروضة في السوق الحقيقية بسبب الخوف من وعلى المستقبل، ولفت أنّ المعالجة تتمثّل بتشكيل حكومة من شخصيات موثوقة ومشهود لها بالوطنية والكفاءة، حينها سيصبح العامل النفسي إيجابيا وسيتوافر الدولار، وستترافق أي زيادة في الكتلة النقدية بالليرة لتصحيح الأسعار بزيادة في عرض الدولار في السوق الحقيقية ولن يؤثر ذلك سلبا على سعر صرف الليرة اللبنانية.

يرجع مدير الأكاديمية اللبنانية الدولية للسلامة المرورية كامل إبراهيم سبب رفع تعرفة النقل إلى الأزمة الاقتصادية والسياسية التي يمر بها لبنان، والتي انعكست بشكل كبيرعلى قطاع النقل وعلى السلامة المرورية كذلك، وذكر أنّ المشكلة مرتبطة في أصلها بعدم وجود نقل عام منظم وغياب تخطيط وتنفيذ مشاريع مرتبطة بالنقل في الحكومات السابقة، ما أدّى باللبناني إلى الإعتياد على استخدام مركبات نقل خاصة، وشدّد على ضرورة وجود حكومة تعطي اولوية لقطاع النقل والسلامة المرورية التي تعتبر أساسا لأي نهضة اقتصادية، الا أنّه لا يتوقع حلا في المدى القريب نظرا للتخبط السياسي الحاصل وعدم إعطاء الأولوية لهذا النوع منم القضايا الحيوية الآن، واعتبر أنّ المواطن وحده من يدفع الثمن على كل المستويات.

تعرفة إستثنائية لوضع إستثنائي وطارئ، قابلة للجنون كما حال الدولار، وتخفيضها مرهون بسلة من المطالب النقابية، فان حصلت تراجعت التعرفة أدراجها وتقهقرت، وإن لم تتحقق فالعودة ضرب من الخيال، والخلاصة ضحايا جدد من المواطنين، فيما النقل المشترك يبقى حبل الخلاص الوحيد، ومن الواضح جدا أنّ ولادته متعسرة كما حال حكومتنا حاليا!

 

مصدرجريدة الديار - ليبانون فايلز - يمنى المقداد
المادة السابقةكورونا لبنان: الإقفال الخامس في أيلول؟
المقالة القادمةمؤسّسة كهرباء لبنان تبيع “الدولة” لأصحاب المولّدات