خريطة توزيع ساعات الكهرباء: تفاوت بين المناطق والعاصمة والضواحي

يتابع اللبنانيون أنباء التقدّم في ملف استيراد الفيول والغاز أويل، لتشغيل معامل إنتاج الكهرباء وتوليد ما يمكن توليده، للتخفيف من وطأة فواتير المولّدات الخاصة. وبانتظار تحقُّق ما تصبو إليه خطة وزارة الطاقة برفع معدّلات التغذية إلى نحو 10 ساعات، يُكتفى بالمطلب الأقرب وهو إنتاج 4 ساعات يومياً، تتأتّى من الغاز أويل الذي أُفرِغَ بين يوميّ الخميس والجمعة الماضيين في معمليّ الزهراني ودير عمار. على أن وصول الساعات الأربع لا يتحقَّق في أغلب المناطق، فتتفاوت ساعات التغذية وأيامها.

خريطة توزيع الكهرباء

كان من المفترض حصول كل المناطق على أربع ساعات يومياً، يتفاوت توزيعها حسب الجدول الذي تقرّره مؤسسة كهرباء لبنان، عبر محطات التوزيع. لكن حسابات البيدر تختلف عن حسابات الحقل، فلم يكن التوزيع على قدر الآمال. فتحظى مناطق الشمال بنحو ساعتين يومياً، تتوزّع بين ساعة نهاراً وساعة ليلاً، وفي بعض المناطق يستمر التيّار لساعتين متواصلتين.

في الجنوب يحظى السكان بساعتين كحدٍّ أقصى، لا يرونَها بشكل متواصل. فأحياناً يسطع النور لساعة أو ساعتين كل يومين أو ثلاثة أيام. ولا يختلف الأمر في البقاعين الشمالي والأوسط. أما بعض قرى البقاع الغربي، فلها حكاية أخرى، إذ تنعم بنحو 22 ساعة كهرباء يومياً، يولّدها معمل ابراهيم عبد العال، الذي يعمل بطاقة المياه.
أيضاً، لا تزيد ساعات التغذية في جبل لبنان عن الساعتين، ولا تخرج بيروت الإدارية عن جدول التقلُّب في مواعيد توزيع الساعات، لكنها تحظى بمعدّل أعلى يصل إلى 3 ساعات يومياً. أما الضواحي، فالحال نفسه كباقي المناطق.

ساعات إضافية وغرامات

لا يؤثّر تفاوت التوزيع بين المناطق على برنامج مؤسسة كهرباء لبنان، الذي وضعته لرفع معدّلات التغذية مع إقرار سلفة الخزينة لتمويل شراء الغاز أويل. والساعات المُنتَجة حالياً هي جزء من المرحلة الأولى، التي يتم خلالها رفع الإنتاج إلى حدود 250 ميغاواط. ومن المنتظر أن تزيد ساعات التغذية وفق خطة المؤسسة، مع رفع الإنتاج إلى 450 ميغاواط، خلال الأسبوع المقبل. وبعدها إلى 585 ميغاواط بعد نحو ثلاثة أشهر، لتزيد ساعات التغذية تدريجياً.

الوعود بساعات إضافية يُحيل إلى ما يُمكن للغاز أويل والفيول إنتاجه. وبمراجعة إسهام الفيول العراقي في إنتاج الكهرباء بين أيلول 2021 وأيلول 2022، يتبيَّن أن حرق ما بين 30 و33 ألف طن من الفيول شهرياً، كان من المفترض أن ينتج بين 3 إلى 4 ساعات كهرباء يومياً، لكن في أفضل الأحوال، حصلت بعض المناطق على ساعة أو ساعتين كل بضعة أيام، فيما بقيت مناطق أخرى في عتمة شاملة يخرقها أحياناً تيّار كهربائي يدوم لربع ساعة ويختفي.

ومع البوادر الأولى التي خلّفها تشغيل المعامل على الغاز أويل، يبدو أنّ المعادلة السابقة لن تتغيّر كثيراً. خصوصاً وأن إفراغ شحنات الفيول أويل Grade A وGrade B لم تحصل بعد، ما يُبقي عدّاد غرامات الرسوّ شغّالاً على الباخرتين.

ويُذكَر أن مجلس الوزراء وافق على سلفة لشراء 66 ألف طن من الغاز أويل و46 ألف طن من الفيول أويل Grade A، و28 ألف طن من الفيول أويل Grade B.

لا رقابة على التوزيع

استناد المؤسسة على جدول التغذية المفترض، يؤكّد أن “لا مشكلة في الإنتاج”، وبالتالي يعود تفاوُت خريطة التوزيع إلى أمر آخر تكشفه مصادر في مؤسسة كهرباء لبنان. فتقول أن “المعامل قادرة على إنتاج 4 ساعات، لكن المشكلة في ضبط توزيعها وإيصالها للناس. وبغياب الرقابة، لا أحد يمكنه الإجابة عن أسباب عدم وصول الكهرباء إلى المنازل كما هو مفترض”.

تحيل المصادر في حديث لـ”المدن”، أسباب تفاوت التوزيع إلى “الفوضى الحاصلة في محطات التوزيع، وعدم إجراء مؤسسة كهرباء لبنان رقابة فعلية، مما يترك للموظفين المناوبين في المحطات، حرية اختيار القرى والأحياء التي يريدون إيصال الكهرباء إليها، وتحديد عدد الساعات وكيفية توزيعها نهاراً أو ليلاً”.

بالتوازي، يدخل بعض أصحاب المولّدات الخاصة على خط التلاعب بتوزيع ساعات التغذية “من خلال علاقاتهم ببعض موظفي محطات التوزيع، الذين يحوّلون الكهرباء وفق ما يطلبه بعض أصحاب المولّدات لتوفير المازوت من جهة، أو لبيع كهرباء المؤسسة للمواطنين على أنها كهرباء من المولّدات، من جهة أخرى. ولا رقابة على خطوط الكهرباء التي تمتدّ إلى أسلاك المؤسسة، والمواطنون لا يدركون آلية إجراء هذه العملية، فكل ما يعرفونه هو انقطاع الكهرباء وسيطرة المولّدات”.

وفي ظل الفوضى، تسأل المصادر عن منازل السياسيين ومصانع وشركات كبار رجال الأعمال “فكيف يحصلون على الكهرباء، وهل يخضعون لشبه العتمة التي يعانيها باقي المواطنين؟”. وتنفي المصادر شمول هؤلاء بالعتمة، وتجزم أن “الكهرباء تُحَوَّل إلى منازلهم ومعاملهم ومؤسساتهم، وهذا جزء من آلية حرمان المواطنين من الكهرباء الموعودة”.

بين خطة المؤسسة وترجمتها على الأرض، فرق كبير يشهده المواطنون الذين تقلّصت آمالهم إلى حدّ القبول بما يوعَدون به. فالمطلوب في هذه الحالة، هو الساعات الأربع، ليُبنى على الوعود الأخرى مقتضاها، فإما التصديق أو الإحالة إلى ما سبق من وعود امتدّت بين 10 ساعات وصولاً إلى 24 ساعة.

وحتى اللحظة، لم تأتِ النتائج على قدر توقّعات المواطنين الذين انتظروا الحصول على 4 ساعات يومياً، أو على الأقل انتظام وصول الكهرباء بشكل يومي، حتى لو كانت لساعتين.

مصدرالمدن - خضر حسان
المادة السابقةملاحقة الصرّافين بدأت: كيف يتحايلون على القوى الأمنية؟
المقالة القادمةدخول “قطر للطاقة” إلى لبنان: استكمال لمسارات دوليّة