خطوة قد تُعالج ارتفاع أسعار المحروقات..

لم يُكن قرار رفع سعر صفيحة البنزين إلى 302700 ليرة مُفاجئاً بالنسبة للاقتصاديين والخبراء، في حين أنّ قيمة الرواتب والأجور الحالية لا تتحمّل هذا التصاعد الكبير لتسعيرة المحروقات.وسط كل ذلك، فإنّ ما رُوّج مؤخراً عن توجّه مصرف لبنان للتوقف عن بيع الدولار لمستوردي المحروقات خلال الأسبوعين المقبلين، أجّج التخبط الكبير وسط توقعات بارتفاع كبير للبنزين والمازوت خلال المرحلة المقبلة.

وفي حين اعتبر ممثل موزعي المحروقات فادي أبوشقرا بأن تحقيق “المركزي” لخطوته هو “مصيبة”، توقفت مصادر معنية عند المساعي الحكوميّة الحثيثة لمُعالجة تداعيات الأزمة الاقتصادية برمّتها، والتي يندرجُ في إطارها ملف المحروقات وباقي الملفات المعيشية والمباشرة التي تهمّ المواطنين.

ومن الناحية الاقتصادية، فإنّ تحرير استيراد البنزين تماماً يعني أنّ مصرف لبنان لن يلعب دور الصرّاف مجدداً من خلال بيعه الدولارات للمستوردين. وبشكلٍ عملي، فإن هذا الأمر يعني أن مستوردي النفط سيعمدون لشراء الدولار من السوق الموازية لشراء البنزين وبيعه إلى المواطن وفق سعر السوق، ما يعني زيادة الطلب عليه.

ومع هذا، فإن المعضلة الأكبر لا تتركّز عند هذا الأمر، إذ أن قدرة أصحاب المحطات على شراء البنزين بالدولار ستكون على المِحك، وبالتالي فإن الكثير من المحطات قد تكونُ غير قادرة على شراء كميات كافية من البنزين. وعلى الصعيد المعيشي، فإنّ ارتفاع أسعار المحروقات يعني زيادة أسعار السلع حُكماً بسبب ازدياد تكلفة النقل.

وحتى الآن، فإنّ الكلام بشأن قرار مصرف لبنان المُرتقب ما زالت في إطارِ الكلام العام، لكنّ الخطوات المرتقبة سيقابلها لاحقاً خطوات حكومية تسعى إلى وضع إطار للدولار وضبط الأسواق، في حين أن خطة التعافي الاقتصادي التي تضع الحكومة إطارها وبنودها هدفها الأساسي تخفيف الانحدار الاقتصادي وضبط سوق القطع ومعالجة تداعيات أزمة الدولار. وعليه، فإنّ الخطوات الحكومية المقبلة بالتعاون مع المرجعيات المالية الدولية، قد تُرخي ارتياحاً في السوق وجعل سعر الدولار يتهاوى تدريجياً ووضع سقف له. وهنا، فإنّ خيار تثبيت سعر الصرف ووضع سقف له سيلجم ارتفاع أسعار المحروقات وباقي الأسعار، وبالتالي ستكونُ التوجهات الاقتصادية أوضح وستعود المنافسة من جديد إلى السوق.

وفي خضم هذا المشهد، فإنّ خطوة مصرف لبنان المُرتقبة “مُتوقعة”، بحسب ما يقول الخبير الاقتصادي والمالي محمّد الشامي، الذي يوضح لـ”لبنان24” أنّ “الحديث عن تحرير سعر البنزين جرى التلويح له في السابق”، وأضاف: “فعلياً لقد بدأت هذه الخطوة يوم الأربعاء مع آخر تسعيرة صدرت للمحروقات، إذ تم تحديد سعرها على أساس الدولار في السوق الموازية”.

ورأى الشامي أن “مصرف لبنان لم يتدخل بشراء الدولار من السوق الموازية بشكل وازن من أجل تأمين دولارات للمحروقات، لأنه لم يكن لديه القدرة على ذلك خصوصاً أن هذا الأمر يحتاج إلى كمية من الليرة مقابلها”، وأضاف: “مصرف لبنان حاول لجم التضخم عبر وسائل عديدة. ومؤخراً، يسعى مصرف لبنان عبر قنوات واضحة إلى الاستحواذ على العملات الصعبة خصوصاً من خلال قراره الأخير المرتبط بشركات تحويل الأموال، إذ أعطى المواطن الخيار ببيع الدولار الذي حصل عليه إلى مصرف لبنان، في حال رغِب بذلك”. ولفت الشامي إلى أن “سعري المحروقات والدولار يرتبطان ببعضهما البعض، وارتفاع سعر البنزين والمازوت والغاز هو نتيجة ارتفاع الدولار بالسوق الموازية، كما أن ذلك نتيجة ارتفاع سعر النفط عالمياً”. وأوضح الشامي أن الخطوات الحكومية الفاعلة مطلوبة بسرعة ومن شأنها أن تضع حداً للانحدار الاقتصادي، وفي حال نجحت المساعي لوضع سقف للدولار والتحكم بسعره من قبل الدولة، فإن الأمور قد تأخذ منحى التحسّن خلال المرحلة المقبلة.

مصدرلبنان24 - محمد الجنون
المادة السابقةمتفرغو الجامعة اللبنانية: لا عودة إلى التدريس الا بعد نيل المطالب حرصًا على جامعتنا ومستقبل طلابنا
المقالة القادمةخبيرٌ مالي يتحدث عن مصير أموال المودعين.. هذا ما كشفه