دخول قطر يطلق مرحلة استكشاف الغاز.. والمسح خلال أسبوع

أنهى لبنان ترسيم حدوده البحرية مع العدو الاسرائيلي، متّكئاً على أمل وجود كميات تجارية من الغاز تحت مياه الرقعة رقم 9 التي تضمّ حقل قانا. وتتّجه الأنظار إلى تلك الرقعة بعد النتائج غير المشجّعة التي ظهرت في الرقعة رقم 4. أمل الاستفادة من الغاز سيُترجَم من خلال الاستكشاف الذي سيقوم به تحالف شركات توتال وإيني وقطر للطاقة التي انضمّت إلى التحالف بعد انسحاب شركة نوفاتك الروسية. وتشكِّل الانطلاقة التي وثّقها رسمياً توقيع الملحَقين التعديليّين لإتفاقيّتي الإستكشاف والإنتاج في الرقعتين 4 و9، خطوة إيجابية، ليس فقط في ملفّ الاستكشاف، وإنما أيضاً على مستوى تشجيع المستثمرين ودعوتهم للمجيء إلى لبنان.

لبنان على الخارطة البترولية

استكمال ملف التنقيب عن الغاز، برأي وزير الطاقة وليد فيّاض، هو “انطلاقة لمرحلة جديدة تثبّت موقع لبنان على الخارطة البترولية”. ووصف فيّاض عودة التحالف وانضمام قطر إليه، بأنه “التزام من شركائنا بمواصلة التنقيب في البحر اللبناني، وخصوصاً البلوك رقم 9”. على أن العودة، بحسب فيّاض، جاءت “بعد الإنجاز التاريخي بتثبيت حدود لبنان البحرية، ما ثبّت حقّه بالتنقيب”.

وضع لبنان على الخارطة البترولية إن جاز الوصف فعلياً، لم يكن ليحصل لولا ترسيم الحدود البحرية الذي “مَهَّدَ لنا الطريق” لعملية الاستكشاف، وفق ما قاله وزير الدولة لشؤون الطاقة القطري والرئيس التنفيذي لقطر للطاقة سعد بن شريدة الكعبي، خلال حفل توقيع الملحقين التعديليّين لاتفاقيّتي الاستكشاف والإنتاج، في السراي الحكومي. ووجدّ الكعبي أن دخول قطر على خط الاستكشاف في المياه اللبنانية هو “فرصة لدعم التنمية الاقتصادية في لبنان خلال المنعطف الحرج”.

توقّعات غير محسومة

كسر الجمود في ملف التنقيب عن الغاز، لا يعني تأكيد وجود كميات تجارية في الرقعة رقم 9. فنحن “في مرحلة الاستكشاف”، واحتمال وجود كميات تجارية من الغاز “ليس 100 بالمئة”. ومع ذلك “ملتزمون بالعمل على البئر الأول في أقرب وقت ممكن”. وفق تأكيدات المدير التنفيذي لمجموعة توتال، باتريك بويانيه، الذي فصّل في كلمته في السراي، المراحل الزمنية لعملية الاستكشاف وصولاً إلى التنقيب.

وأشار إلى أن عملية الاستكشاف بكل مراحلها، ستمتدّ حتى نهاية العام الجاري وبداية العام المقبل. وستبدأ توتال بالمسح “خلال أسبوع. ففي السادس من شباط ستأتي باخرة لتجري القياسات المطلوبة. وفي وسط حزيران يصدر التقرير بموافقة هيئة إدارة قطاع البترول. ثم يحضر جهاز الحفر في الفصل الثاني من السنة، ونحتاج من 3 إلى 4 أشهر للتنقيب”. ولفت بويانيه النظر إلى أن “البئر سيكلف 100 مليون دولار. وإذا كانت نتيجة الحفر إيجابية، سنتابع، وإذا لا، سنتوقف”.
تنضم شركة إيني إلى عدم التكهّن السريع بما يمكن للرقعة رقم 9 حمله. فرأى المدير التنفيذي لمجموعة إيني، كلاوديو ديسكالزي، أن يجب “عدم خلق الكثير من التوقّعات. لكن يجب أن نصلّي ليكون الاستكشاف واقعياً ونأتي بكمية كافية من الغاز تلبّي حاجات لبنان وتجعله بلدأ يؤمّن الطاقة ويساهم في خريطة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”.
مع ذلك، يضع ديسكالزي عملية استئناف لبنان للعمل في ملف التنقيب، في مصاف “الفرصة الكبيرة للجزء الشرقي من المتوسّط، لإيجاد موارد كبيرة، سواء في مصر وقبرص ولبنان وإسرائيل”.

المكاسب الاقتصادية

يعمل تحالف شركات توتال وإيني وقطر للطاقة، انطلاقاً من ضمانات الاستقرار في المنطقة، والتي أرساها ترسيم الحدود البحرية. ويؤكّد بويانيه أنه “وصلتنا ضمانات من كلّ الأطراف لتنفيذ العمل، ولا تأخير متوَقَّع، وإلاّ لما كنّا أتينا”.

الإيجابية الفرنسية والإيطالية والقطرية، يفترض أن تنعكس على الوضع الاقتصادي في لبنان، من خلال الثقة التي يعكسها وجود شركات عالمية تمثّل دولاً ذات مصداقية وخبرة في مجال الطاقة. وهو ما تراه مصادر في قطاع النفط خلال حديث لـ”المدن”.

وتقول المصادر أن “انضمام قطر إلى التحالف، يشجّع الاستثمارات العربية والدولية، بالإضافة إلى المستثمرين اللبنانيين. خصوصاً وأن قطر هي دولة خليجية، ولبنان يفتقد اليوم للوجود الخليجي”. وتأمل المصادر أن يكون لبنان “على قدر المسؤولية. ويبدو أن هناك جدّية في هذا الملف لأن الجميع في لبنان والخارج، يتطلّع إلى عملية التنقيب”.

وجهة النظر هذه، تجد ما يدعمها في كلام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي رأى أن “بدء عملية الاستكشاف والأنشطة البترولية في المياه اللبنانية، سوف يكون له الأثر الإيجابي في المديين القصير والمتوسط على إيجاد فرص للشركات اللبنانية المهتمة بقطاع الخدمات في مجال البترول ويوفر فرص عمل للشباب اللبناني وبخاصة للعاملين في المجال التقني”.

مع نهاية هذا العام، يفترض بلبنان أن يمتلك جواباً هو بمثابة قشّة انقاذه من غرقه. فإن كانت كميات الغاز الموعودة، تجارية، فستُفتَح طريق الحركة الاقتصادية وحلّ أزمة الكهرباء. وإن كان العكس. فعلى الدولة استمرار التخبّط في محاولات كسب الثقة الدولية للمساعدة في الخروج من الأزمة.

مصدرالمدن - خضر حسان
المادة السابقةزيادة سعر دولار “صيرفة”: الخيارات تضيق وتتعقّد
المقالة القادمة“صيرفة” إلى ٤٥ ألفا