رواتب ومساعدات تحتكرها المصارف.. بنك الاعتماد نموذجاً

فيما تفتح المصارف أبوابها لتجار العملة والصيارفة وغيرهم لشراء الدولارات وفق سعر منصة صيرفة، تحتجز أموال المودعين بالدولار وتقنّن سحوباتهم بالليرة اللبنانية بشكل استنسابي، فتختلف السقوف بين فئة وأخرى من المواطنين والموطّنين رواتبهم، وحتى بين عميل وآخر، فلا يمكن للأستاذة في الجامعة اللبنانية د.خ. استيعاب كيف يمكن للمصرف الحجر على وديعتها بالدولار ورفض تسليمها مدخولها الشهري بالليرة في الوقت عينه، وتسأل “كيف لي أن أؤمن معيشتي وأعيل عائلتي في ظل سيطرة المصرف على جنى عمري ومداخيلي الشهرية أيضاً؟”.

منذ أكثر من 20 عاماً ود.خ. تدّخر من مداخيلها في التعليم في بنك الاعتماد اللبناني الذي تعتبر نفسها زبونة قديمة لديه وتحظى باهتمام واحترام المصرف. ووقعت الأزمة في البلد عام 2019 وحجر المصرف كباقي المصارف على ودائع العملاء، ولم تعتبر د.خ. نفسها مستهدفة بمفردها بهذا التعسف من المصرف. فالإجراء يلحق بمئات الآلاف من العملاء، تتابع تعاميم مصرف لبنان وقراراته وإجراءات المصارف بمزيد من الاهتمام الذي لا يخلو من الأمل باستعادة أموالها وجنى عمرها يوماً ما. لكن أن يصل الأمر إلى راتبها ومدخولها الشهري فهذا ما لم تتقبله على الإطلاق.

وعند مراجعة المصرف كان الجواب أنه لا يُمنع على اي عميل سحب مبالغ تفوق السقوف المحدّدة بالليرة، لكن مع فرض عمولة على المبالغ المسحوبة، وعليه يمكن للسيدة د.خ. سحب ما تريد مع الموافقة على اقتطاع عمولة من المبلغ المطلوب في حال كان يفوق السقف المحدد للسحب. وهذا يعني أن المصرف لا يحجب أموال العملاء عنهم فحسب، بل أيضاً يحاول تقاسمها معهم وبكل وقاحة.

ولا تقتصر الضغوط التي تمارسها غالبية المصارف ومن بينها بنك الاعتماد اللبناني على العملاء بمنعهم من سحب كامل رواتبهم أو المساعدات التي يتلقونها، لاسيما منهم موظفي القطاع العام، بل تنسحب أيضاً على السحوبات النقدية بالدولار بموجب التعميم 161 الأخير.

فبنك الاعتماد اللبناني حدّد لغالبية عملائه سقف السحب بالدولار عند 200 دولار فقط، وهو ما اعترضت عليه د.خ. باعتبار هناك من يسحب مبالغ تفوق ذلك. كما أن هناك مصارف تتيح السحب بسقوف عالية. فكان الجواب من المصرف المذكور: “مهما كانت قيمة راتبك أكان 10 مليون أو 20 مليون ليرة فلن تنالي أكثر من 200 دولار فقط”، علماً أنه، وبحسب المعلومات، فإن المصرف نفسه فتح باب السحب بالدولار وفق التعميم 161 للعديد من عملائه بسقوف عالية حتى لأصحاب الرواتب المحدودة، خصوصاً الضباط وأصحاب الرتب العسكرية. ففتح لهم باب الإيداع باللبناني مقابل شراء الدولار وفق سعر صرف منصة صيرفة، على غرار باقي المصارف، ورغم ذلك تمسّك بمسألة السقوف المتدنية لشريحة واسعة من العملاء. بمعنى آخر يتم التعامل باستنسابية مطلقة مع العملاء المصرفيين من قبل العديد من المصارف ومنها بنك الاعتماد اللبناني.

مصدرالمدن - عزة الحاج حسن
المادة السابقةالموازنة قبل الخطة: كوضع العربة قبل الحصان
المقالة القادمةهشّموا الضمان الاجتماعي… بعدما همّشوه!