سلامة يشتري الوقت بـ”قروض” سياسية

الصدمة التي أحدثها قرار حاكم مصرف لبنان “الطلب من المصارف بيع الدولارات المشتراة على سعر صيرفة كاملة الى مختلف عملائها”، خفضت سعر صرف الدولار في الأمس 2000 ليرة. إلا أن هذا لا يعني، بحسب خبير المخاطر المصرفية د. محمد فحيلي، “إمكانية صمود القرار، ما لم يترافق مع مذكرة تطبيقية رسمية، أو تعميم وسيط يوضح فيه مصرف لبنان كل الالتباسات التي رافقت القرار”.

المشكلة الثانية هي أن هذا القرار لا يتعدى كونه “حبة مسكن” تهدف إلى تهدئة وجع ارتفاع سعر الصرف واقترابه من كسر حاجز 30 ألف ليرة. فالصرافون والتجار توقفوا عن شراء الدولار على سعر مرتفع أملاً بشرائه على سعر أقل من المنصة، وباعة الدولار تهافتوا لبيع ما في أيديهم قبل أن ينخفض السعر أكثر. وعلى هذا الأساس زاد العرض عن الطلب فانخفض السعر.

الصدمة المعنوية الأولى نجحت بكبح ارتفاع الدولار، ليبقى المعيار الأساسي كيفية المحافظة على هذا التراجع من خلال التنفيذ الفعلي للقرار؛ ولو أنه كان لمدة 15 يوماً فقط. وهنا يلفت فحيلي إلى “المدة الزمنية التي تطلبها تطبيق تعاميم سابقة، منها: شهران لبدء العمل بالتعميم 157 الذي أنشأ منصة صيرفة، وفترة أطول لبدء العمل بالتعميم 158… ليخلص إلى أن المقصود من الموضوع هو “شراء الوقت”، مع احتمال كبير بألا يتحول القرار إلى التطبيق في المهلة القصيرة المتبقية من هذا العام.

اللافت في القرار الأخير هو “تحديد السياسات النقدية بقرارات رئاسية منفردة من الحاكم”، من وجهة نظر فحيلي، “حيث تتخذ القرارات في ظل تغييب كامل لدور المجلس المركزي”. والأسوأ أن هذه القرارات تتخذ تحت الإملاءات السياسية التي تُعطى للحاكم. ولعل ما حدث في بعبدا عقب إيقاف مجلس شورى الدولة العمل بالتعميم 151 خير دليل على ذلك.

ويرى الخبير الاقتصادي جان طويلة بدوره أن “القرار فعل فعله بلجم سعر الصرف، إنما أثره لم يكن ضعيفاً فحسب، إنما غير مستدام. وهو ما يطرح في المقابل إشكالية تأمين الدولارات التي سيزود بها المركزي المصارف من الاحتياطي بمبلغ قد يفوق 100 مليون دولار خلال 15 يوماً، في حال كان معدل العمليات على “صيرفة” بحدود 10 ملايين دولار يومياً”. وبرأي طويلة فإنّ “شيئاً لم يتغير، حيث يُتوقع أن يعاود الدولار مشواره التصاعدي بعد زوال أثر هذا القرار، خصوصاً أن المشاكل السياسية زادت ولم تنقص، والحكومة فشلت في إبرام الاتفاقية مع صندوق النقد الدولي قبل نهاية هذا العام، ولم يطبق شيء من الاصلاحات المطلوبة… والأخطر أن “المركزي” يستخدم ما تبقى من احتياطي للمحافظة فقط على استقرار سعر الصرف، وذلك على حساب بقية المتطلبات الأساسية من أمن إجتماعي وإقتصادي للمواطنين.

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةدوكان يطّلع من سلام على تقدّم الإصلاحات اللبنانية
المقالة القادمةبلدان مجلس التعاون تقرّ الهيئة الخليجية للسكك الحديدية