سلفة الكهرباء في بازار السياسة: سلامة يضيّع الوقت قبل العتمة الشاملة

لخلاف بين وزارة الطاقة ومصرف لبنان بشأن تمويل حاجة القطاع مستمر. منذ أكثر من أسبوع قيل إن الاتفاق أنجز، لكن مطالب مصرف لبنان تتوالى، وآخرها الطلب من وزير الطاقة إرسال كتاب يطلب فيه تأمين الاعتمادات الدولارية. رفض الوزير ريمون غجر تحمّل المسؤولية، من دون أن يتضح مآل الأمور بعد. إلى ذلك، لا تزال السلفة المطلوبة لكهرباء لبنان عالقة. الاستغلال السياسي يهدد بالعتمة أيضاً. لكن لأن الضرر لن يطال فريقاً دون آخر، فإن المساعي منصبّة حالياً على توقيع اقتراح نيابي من أكثر من كتلة

حاكم مصرف لبنان لم يعد يُمانع الدفع لشركة «برايم ساوث» المشغّلة لمعملَي دير عمار والزهراني، لكنه يشترط أن يرسل له وزير الطاقة كتاباً يطلب منه ذلك. الأسبوع الماضي، رفض الوزير ريمون غجر هذا الطلب، معتبراً أنه لم يسبق أن أرسل كتاباً مشابهاً، وبالتالي يكفي أن تطلب «كهرباء لبنان» فتح الاعتماد بالليرة، كما جرت العادة، حتى يعمد مصرف لبنان إلى تحويله إلى الدولار.

يبدو جلياً أن غجر يرفض تحمّل المسؤولية، رغم أنه وزير وصاية وتوقيعه لا يرتّب عليه أي التزام. والأمر نفسه يسري على سلامة الذي يؤكد عارفوه أنه لم يعد الحاكم الأوحد للمصرف، بل يفضّل أن يتحمّل آخرون المسؤولية معه، وهو لذلك يغطي معظم قراراته بموافقة المجلس المركزي. لكن، بحسب المعلومات، فإن سلامة يتحفّظ عن السير في الاتفاق بحجة الشائعات عن أن العقد مع الشركة المشغّلة يزيد بنحو ٣٠ في المئة عن السعر العادل للخدمة.

بالتوازي، لم تصل وزارة الطاقة إلى حلّ لمعضلة السلفة أو المساهمة المطلوبة لتغطية نفقات الفيول لزوم مؤسسة كهرباء لبنان عن عام ٢٠٢١. فبعدما اصطدم غجر بموقف متصلّب من الرئيس نبيه بري تجاه إقرار قانون لإقرار السلفة، مستغلاً الطلب لتمرير رسائل في السياسة، لم يحصل أي تطور ينهي حال القلق. اللافت أن أغلب الكتل لا تعارض إقرار سلفة خزينة في المبدأ. ويدرك الجميع أن لا بديل من إقرارها لتجنب العتمة. لذلك، بدأت مساع لتقديم اقتراح قانون بالسلفة لا يوقّع عليه نواب من تكتل لبنان القوي فقط، بل يُشاركهم في التوقيع نواب من كتل أخرى. هذه المساعي لا تزال في بدايتها، وهي على ما يتوقع مصدر مسؤول لن تنضج إلا حين يتحول شبح العتمة إلى تهديد جدي، وحين يتأكد الجميع من أن ورقة الكهرباء غير صالحة للاستغلال السياسي.

دم إقرار السلفة قبل منتصف نيسان سيعني حكماً إلغاء مناقصة الفيول التي أطلقتها إدارة المناقصات منذ أيام. إذ في العادة ترفض الإدارة إطلاق أي مناقصة لم يفتح اعتماد لها، لكن مناقصة الفيول أطلقت من دون حجز نفقة، أولاً لأن الفيول هو من النفقات الدائمة التي تقضي المصلحة العامة باستمرارها، وثانياً لأنه لا يمكن للإدارة أن تطلب حجز نفقة، لأن تكاليف الفيول لا تُدفع عبر اعتمادات في الموازنة، بل تُغطّى من خلال سلف خزينة أو مساهمات. وبالتالي، في حال عدم إقرار أيّ اعتماد لمصلحة شركة الكهرباء قبل موعد المناقصة، لن يكون أمام إدارة المناقصات سوى إلغائها، علماً بأن القيمة المتوقعة للصفقة لم تتضح بعد، بانتظار أن تعلن وزارة الطاقة عن حاجتها إلى الفيول. لكن ما تم حسمه هو أن الصفقة لن تكون لسنة واحدة، بل حتى نهاية السنة الحالية فقط، احتراماً لسنوية الموازنة ولأن الاتفاق مع العراق سيؤثّر على الكميات المطلوبة.

مصدرجريدة الأخبار - إيلي الفرزلي
المادة السابقةفروع المصارف “تختفي”… و”رقاب” أكثر من 5000 موظف على المقصلة
المقالة القادمةكارثة التلوث النفطي… ما خفي أعظم