سوق كتب بالية بطرابلس.. وأطفال بلا مدارس يتكدسون بالشوارع

تنتشر قرب ساحة النجمة في طرابلس مكتبات متلاصقة على رصيف واحد، وتكتظ في هذه الأيام الصعبة من بدء العام الدراسي بمئات أسر تصطحب أولادها بحثًا لهم عن كتب مستعملة. وهم يحملون أكياساً تحوي كتباً مدرسية استعملها أولادهم في السنوات الفائتة التي بالكاد تعلموا فيها، ويريدون استبدالها بكتب مستعملة للعام الدراسي الحالي، ودفع أقل مبلغ ممكن لقاء استبدالها.

يقول صاحب إحدى المكتبات لـ “المدن” إن الأسر غير قادرة على استيعاب التحولات الكبيرة في أسعار المستلزمات المدرسية. وأن أصحاب المكتبات يمضون يومياً ساعات بشرح وتوضيح ملابسات هذا التحول.

فمن جهة، هم يلتزمون بالتسعيرة المعتمدة لدى دور النشر. وهي تستند إلى طرح وزارة الاقتصاد اعتماد نسبة 45 في المئة من سعر الكتب على سعر صرف الدولار في السوق السوداء الذي تجاوز أخيرا 17.5 ألف ليرة للدولار. ومن جهة أخرى، ارتفعت أسعار القرطاسية أكثر من 100 في المئة، لأنها مستوردة من الخارج بالدولار الأميركي. وحتى هذا الوقت ما زالت المكتبات شبه فارغة من كتب المدارس الرسمية، في انتظار طرحها في الأسواق.

ويكرس هذا الوضع طبقية التعليم في لبنان ويفاقمها ويرفعها إلى ذروة غير مسبوقة. فهو لم يعد متاحاً إلا لفئات محدودة دون سواها. ولم يعد يسع تلامذة وطلاباً كثيرين الانتقال بالباصات إلى مدارسهم. فألوف الأسر تعجز عن توفير بدل نقل لأبنائها، بعدما صار يعادل الأقساط المدرسية نفسها سنويا، بسبب رفع الدعم عن المحروقات.

جولة سريعة في شوارع مدينة طرابلس وأحيائها الشعبية، التي يعيش أكثر من 75 في المئة من سكانها تحت الفقر المتعدد الأبعاد، بين أن كثرة الأطفال والأولاد ينتشرون في الأزقة والشوارع.

بعضهم يجوبون الطرق للتسول بوجوه شاحبة. آخرون يلعبون هرباً من ضيق منازلهم وعتمتها نتيجة انقطاع التيار الكهربائي. وهم على هذه ينتظرون “حق العودة” إلى المدارس الرسمية التي ما زالت أبوابها مغلقة، في انتظار الحلول التي تعمل وزارة التربية عليها. وهي تأخرت كثيرًا في وضع خطة تحاكي حجم الأزمة الحالية.

مصدرالمدن - جنى الدهيبي
المادة السابقةأزمة بيانات القيد حلت موقتاً.. وبدأت مشكلة جوازات السفر
المقالة القادمةتوحيد سعر الصرف في منصّة واحدة رسمية