عودة إلى «النمليّة» بدل البرّاد: المونة البلديّة للميسورين فقط!

مع اقتراب الصيف من نهايته، تمتلئ «النمليّات» وخزانات المونة في المنازل الجبليّة بمراطبين المربيات والزيتون والمكدوس والكبيس وقوارير ماء الورد وماء الزهر وتنك زيت الزيتون. الأسباب نفسها التي كانت تدفع الناس إلى التموّن في الماضي عادت لتنتج نفسها من جديد. صعوبة التنقل حينها ووعورة الطرقات والظروف المناخية القاسية التي كانت تعزل المناطق بعضها عن بعض كانت تجعل من التزوّد بالمواد الغذائية بشكل يومي مهمة شاقة. «ما أشبه اليوم بالأمس»، تقول «أم شربل». اليوم، أيضاً، «نخزّن المونة بسبب عدم القدرة على التنقل. صحيح هناك سيارات، لكن لا يوجد بنزين، وإن وجد فبكلفة عالية. وفي كل مرة يحذّروننا من إقفال الأفران وانقطاع الخبز. لذلك خزنت كل المكونات الضرورية لتحضير الخبز في المنزل في حال الضرورة».

على غرار «أم شربل»، تؤكد كثيرات من ربات المنازل أن المونة خيار مثالي في ظل أزمة الكهرباء، كون «المونة المجففة تصمد لمدة طويلة ولا تحتاج إلى ثلاجات. في الفترة الماضية، ما من أحد لم يضطرّ الى رمي كميات كبيرة من المأكولات بعد فسادها بسبب انقطاع الكهرباء». غير أن الأزمة الاقتصاديّة أدت الى رفع كلفة إنتاج المونة إلى معدلات قياسية، ما حرم الكثير من العائلات من تحضير المونة للاستهلاك الشخصي بسبب عدم القدرة على شراء متطلباتها… إلا لمتطلبات الـ«بيزنس». فقد كان تحضير المونة سابقاً حاجة أكثر منه تجارة. لكن مع اشتداد الأزمة الاقتصاديّة، أصبح تحضير المونة وبيعها يستهويان أعداداً متزايدة من الأفراد، نساء ورجالاً، شيباً وشباباً، بهدف توفير مداخيل إضافية بأدوات إنتاج بسيطة.

يؤكد مجدي سلمان، صاحب مؤسسة «مونة أهل الكرم» أن «عدد النساء اللواتي يعملن في تحضير المونة ارتفع بشكل كبير. كثيرات من ربات المنازل كنّ يحضّرن المونة فقط لعائلاتهن وفي إطار ضيق، يجدن في بيع المونة فرصة لتحقيق مداخيل جيدة». ويوضح أن «الطلب زاد رغم ارتفاع الأسعار أضعافاً. فغطاء المرطبان سعة 3 كيلوغرامات قفز من 500 ليرة إلى 5 آلاف ليرة. ومرطبان المكدوس الذي يزن كيلوغراماً زاد من 40 ألف ليرة الى 80 ألفاً. والزبائن بمعظمهم من سكان السواحل الميسورين».

وليست أسعار المربيات أفضل حالاً. يوضح بول عقل صاحب مؤسسة «عين العقل»، التي تعنى بإنتاج المربيات من الفواكه من دون سكر، أن «الكلفة بالدولار بقيت هي نفسها. الفرق الهائل هو عند التسعير بالليرة، حيث ارتفعت حوالى 40%. أكثر من 90% من الشركات التي تصنع مربّيات تأثّرت بارتفاع سعر السكر، الذي يشكل ثلاثة أرباع المنتج الذي يقدّمونه في بعض الحالات. كنا نبيع زجاجة عصير التفاح بـ 7 آلاف ليرة. اليوم نبيعها بـ 45 ألفاً. كلفة الغاز أصبحت مرهقة جداً وتكلّفني أسبوعياً نحو مليون ليرة، لذلك أفكر بالاعتماد على الحطب هذا العام».

مصدرجريدة الأخبار - رضا صوايا
المادة السابقة«تخبيص» في «أونروا»: الأولوية لـ«المدعومين»!
المقالة القادمةهبة مالية لدعم القطاع التربوي: كم بلغت وكيف ستصرف؟