قطاع الكهرباء في سوريا يحصي الثمن الباهظ للحرب

الخسائر المباشرة التي لحقت بالقطاع خلال سنوات الحرب بلغت 40 مليار دولار فيما تبلغ الخسائر غير المباشرة 80 مليار دولار.

قدمت وزارة الكهرباء السورية أحدث حصيلة حول خسائر القطاع بسبب الدمار الذي لحق بالشبكة ومحطات التوليد منذ اندلاع الحرب في عام 2011، وسط شكوك في أن حجم الخسائر المعلنة أكبر بكثير من ذلك.

وأكد وزير الكهرباء غسان الزامل أن الخسائر المباشرة، التي لحقت بالقطاع خلال سنوات الحرب بلغت 40 مليار دولار، فيما تبلغ الخسائر غير المباشرة 80 مليار دولار.

والرقم المعلن أعلى من تقديرات نشرتها الوزارة في عام 2021، والتي أظهرت أن حجم خسائر الشبكة، التي كانت تغطي 99 في المئة من مساحة البلاد، بلغت 24.4 مليار دولار.

وقال الزامل في مقابلة مع وكالة أنباء شينخوا الصينية هذا الأسبوع إن “الخسائر المباشرة تشمل البنية التحتية، وخاصة محطات التوليد ومحطات التحويل، وخطوط النقل وذلك يمثل أكثر من 50 في المئة من المنظومة الكهربائية التي تم تدميرها”. وأقر الوزير بأن هذه الخسائر الكبيرة وهذا التدمير في المنظومة الكهربائية أديا تقريبا إلى شبه انهيار لهذه المنظومة.

ويلقي المسؤولون السوريون باللوم في هذا الأزمة على العقوبات الغربية، التي كانت لها تداعيات سلبية على مشاريع الكهرباء، حيث أدت إلى وقف العلاقات المصرفية مع البنوك الدولية وإحجام شركات التأمين عن التعامل مع المؤسسات السورية.

ووضعت معضلة انقطاع الكهرباء في البلاد وعدم القدرة على دفع تكاليف الاستهلاك المرتفعة الكثير من السوريين أمام تحد كبير لا يمكن تخطيه إلا بالاستعانة بالطاقة المتجددة، في ظل محاولات شاقة من دمشق للاعتماد على هذا المجال رغم شح الأموال.

وأدت العقوبات الأميركية على قطاع الطاقة إلى انخفاض عدد ساعات التغذية الكهربائية للسكان، والتي تبلغ ساعتين أو أربع ساعات على أقصى تقدير كل يوم.

وأشار الزامل إلى أن عقوبات “قيصر” الأميركية كان لها تأثير كبير على القطاع، قائلا “طبعا هناك صعوبات نتيجة العقوبات التي فرضتها أميركا على قطاع الكهرباء بشكل خاص”، لكنه أكد أن ثمة محاولات حثيثة لإعادة ترميم ما تم تدميره.

وتسعى دمشق إلى الاستعانة بحلفائها، وهم الصين وروسيا وإيران، من أجل تأهيل المنظومة الكهربائية بشكل كامل، لكنها على الأرجح لن تفلح في ذلك لأن أجزاء من البلاد لا تزال خارج سيطرة الحكومة.

وفي مسعى لتغطية جزء من الطلب، تعمل السلطات لتجاوز هذه العقوبات. وقال الزامل “نحاول قدر الإمكان التوجيه إلى الطاقات المتجددة التي صار عندنا بشأنها كمية من المشاريع التي لا بأس بها”.

وأوضح أن خلال هذا العام والأعوام القادمة سيكون حجم المشاريع وخاصة في الطاقات المتجددة أكبر سواء كانت شمسية أو الرياح لتجاوز مسألة التغذية الكهربائية للسكان وللمنشآت الصناعية والصحية.

ولدى وزارة الكهرباء إستراتيجية لإدخال 2500 ميغاواط من المزارع الشمسية حتى عام 2030، بالإضافة إلى 1500 ميغاواط من الرياح. وتشير التقديرات الرسمية إلى أن الاستهلاك اليومي من الكهرباء حاليا يبلغ حوالي 6 ميغاواط، بينما لا يتم إنتاج إلا قرابة 2.1 ميغاواط.

وبحسب المؤسسات المالية الدولية، فإن إنتاج محطات توليد الكهرباء بالبلاد كان يبلغ نحو 8 آلاف ميغاواط يوميا قبل اندلاع الأزمة، وكانت دمشق تمتلك فائضا تقوم بتصديره إلى دول الجوار.

وقال الزامل “بدأنا بالطاقات المتجددة ونحاول أن نزيد من مساهمة منظومات الطاقة المتجددة في ميزان الطاقة العام في سوريا”.

وأضاف “نحاول قدر الإمكان حاليا تخصيص عدد من الأراضي في مناطق الاستقرار الرابعة والخامسة، وهي موجودة في البادية وجوار البادية في المناطق القريبة من محطات التحويل لإنشاء هذه المحطات”.

وأشار إلى أن ثمة مشاريع أنجزت، وتم ربطها على الشبكة، وأخرى قيد الإنجاز حاليا ويتم التعامل بشكل كامل مع وزارة الزراعة لتحديد مناطق يمكن إنشاء محطات الشمس والرياح فيها.

ورغم أن الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية لا تزال بعيدة عن تغطية جميع احتياجات البلاد، لكن المستثمرين يقولون إنها بداية حقبة جديدة، حيث أصبحت الطاقة النظيفة مجال استثمار واعدا.

ووضعت دمشق تسهيلات للمستثمرين يتم التنسيق المباشر فيها مع هيئة الاستثمار الحكومية لوضع دليل إجرائي يسهل عليهم معرفة كل الإجراءات المتعلقة بالاستثمار.

وتؤكد مديرية قطاع الكهرباء والاستثمار الخاص بوزارة الكهرباء أن بمجرد تشميل مشروع المستثمر في مركز خدمات المستثمرين يتم منحه إجازة استثمار، وبناء عليها يعفى من جميع الرسوم الجمركية والضرائب الأخرى.

ومن بين الإعفاءات ضريبة الدخل بمقدار 50 في المئة على مدار عشر سنوات، إضافة إلى ما يتيحه قانون الاستثمار الجديد من خلال تخصيص الأراضي للمستثمرين وفق شروط محددة.

كما تم وضع شروط مبسطة تسمح للشخص الاعتباري بالاستثمار في هذه المشاريع، حيث يطلب منه فقط إضبارة فنية عن مواصفات التجهيزات وتقرير محاكاة للنظام الكهروضوئي أو الريحي يبين فيه كمية الإنتاج الشهري والسنوي على مدار عمر المشروع.

وقدر وزير الخارجية فيصل المقداد في سبتمبر الماضي، خسائر قطاع النفط والغاز بسبب الحرب بحوالي 115 مليار دولار، متهما الولايات المتحدة بـ”نهب” الثروات السورية.

المادة السابقةغوغل تذكي المنافسة على الذكاء الاصطناعي
المقالة القادمةقوة الدولار العنيدة تنغص على الشركات جني الأرباح